كتاب تفسير البحر المحيط - العلمية (اسم الجزء: 4)

" صفحة رقم 5 "
واسم الفاعل طمع .
الرّجس اسم لكل ما يستقذر من عمل ، يقال : رجس الرجل يرجس رجساً إذا عمل عملاً قبيحاً ، وأصله من الرجس ، وهو شدّة الصوت بالرّعد ؛ قال الراجز : مِنْ كلّ رجاس يسوق الرّجسا
وقال ابن دريد : الرجز الشر ، والرجز العذاب ، والركس العَذَرة والنتن ، والرجس يقال للأمرين .
الرمح معروف ، وجمعه في القِلّة أرماح ، وفي الكثرة رماح ، وَرَمَحَهُ : طعنه بالرمح ، ورجل رامح : أي ذو رمح ولا فعل له من معنى ذي رمح ، بل هو كلابن وتامر ، وثور رامح : له قرنان ، قال ذو الرّمة :
وكائن ذعرناه من مهاة ورامح
بلاد الورى ليست لها ببلاد
والرّماح : الذي يتخذ الرمح وصنعة الرماحة .
الوبال : سوء العاقبة ، ومرعى وبيل : يتأذى به بعد أكله .
البرّ : خلاف البحر . وقال الليث : يستعمل نكرة ، يقال : جلست بَرّاً وخرجت برّاً ، وقال الأزهري : هي من كلام المولدين ، وفي حديث سلمان ( إن لكل أمر جوانيّاً وبرانيّاً ) كنى بذلك عن السرّ والعلانية ، وهو من تغيير النسب .
( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لّلَّذِينَ ءامَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ ).
قال قتادة نزلت في ناس من أهل الكتاب كانوا على شريعة مما جاء به عيسى ، آمنوا بالرسول ، فأثنى الله عليهم ، قيل هو النجاشي وأصحابه تلا عليهم جعفر بن أبي طالب حين هاجر إلى الحبشة سورة مريم فآمنوا وفاضت أعينهم من الدمع ، وقيل هم وفد النجاشي مع جعفر إلى الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) ) ، وكانوا سبعين بعثهم إلى الرسول عليهم ثياب الصوف ، اثنان وستون من الحبشة ، وثمانية من الشام ، وهم بحيرا الراهب وإدريس وأشرف وثمامة وقثم ودريد وأيمن ، فقرأ عليهم الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) ) يس ، فبكوا وآمنوا وقالوا : ما أشبه هذا بما كان ينزل على عيسى ، فأنزل الله فيهم هذه الآية .
وروي عن مقاتل والكلبي أنهم كانوا أربعين من بني الحارث بن كعب من نجران ، واثنين وثمانين من الحبشة ، وثمانية وستين من الشام .
وروي عن ابن جبير قريب من هذا ، وظاهر اليهود العموم من كان بحضرة الرسول من يهود المدينة وغيرهم ، وذلك أنهم مرنوا على تكذيب الأنبياء وقتلهم وعلى العتوّ والمعاصي ، واستشعارهم اللعنة وضرب الذلة والمسكنة ، فتحرّرت عداوتهم وكيدهم وحسدهم وخبثهم ، وفي الحديث : ( ما خلا يهوديان بمسلم إلا همّا بقتله ) وفي وصف الله إياهم بأنهم أشدّ عداوة إشعار بصعوبة إجابتهم إلى الحق ، ولذلك قلّ إسلام اليهود .
وقيل ) الْيَهُودُ ( هنا هم يهود المدينة لأنهم هم الذين مالؤوا المشركين على المسلمين . وعطف ) الَّذِينَ أَشْرَكُواْ ( على ) الْيَهُودُ ( جعلهم تبعاً لهم في ذلك إذ كان اليهود أشدّ في العداوة ، إذ تباينوا هم والمسلمون في الشريعة لا في الجنس ، إذ بينهم وشائج متصلة من القرابات والأنساب القريبة فتعطفهم على كل حال الرحم على المسلمين ، ولأنهم ليسوا على شريعة من عند الله ، فهم أسرع للإيمان من كلّ أحد من اليهود والنصارى ، وعطفوا

الصفحة 5