كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 4)

{وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا (45)}.

[45] وكان المشركونَ يؤذون النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - مصلِّيًّا، وجاءتْ أُمُّ لهبٍ بحجرٍ لترضَخَ به رأسَه، فلم تَرَهُ، فنزل: {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا} (¬1) على قلوبهم عن الفهم {مَسْتُورًا} ساتِرًا.
...
{وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا (46)}.

[46] {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً} أغطيةً؛ كراهةَ.
{أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا} صَمَمًا يمنعُهم عن استماعِه.
{وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ} غيرَ مشفوعٍ به آلهتُهم {وَلَّوْا} رجعوا.
{عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا} جمعُ نافرٍ؛ أي: نافرينَ. قرأ أبو عمرٍو، والكسائيُّ من روايةِ الدوريِّ: (أَدْبَارَهُمْ) بالإمالةِ، واختلِفَ عن ابنِ ذكوانَ، ورُوِيَ عن ورشٍ، وحمزةَ بينَ اللفظينِ، وقرأ الباقونَ: بإخلاصِ الفتحِ (¬2).
...
{نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (47)}.
¬__________
(¬1) انظر: "أسباب النزول" للواحدي (ص: 164).
(¬2) انظر: "الغيث" للصفاقسي (ص: 273)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: 284)، و"معجم القراءات القرآنية" (3/ 325).

الصفحة 104