كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 4)

بالرفع (¬1)، وتقدَّمَ توجيهُ قراءتهم في سورةِ البقرةِ عندَ تفسير قولِه تعالى: {وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [الآية: 117].
...
{وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41)}.

[41] ونزل في شأنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - والصحابةِ حيثُ أُخرِجوا من مكةَ {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ} أي: في طلبِ رضاهُ {مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا} من أهلِ مكةَ.
{لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً} فأنزلَهم المدينةَ، وأطعَمَهُمُ الغنيمةَ، فهذا الثوابُ في الدنيا، وكان عُمَرُ إذا أعطى الرجلَ من المهاجرينَ عطاءً يقولُ: "خُذْ، هذا ما وعدَ اللهُ لكَ في الدنيا حسنة، وما ادخر لكَ في الآخرةِ أفضلُ، ثم تلا هذهِ الآيةَ" (¬2). قرأ أبو جعفرٍ: (لَنُبَوِّيَنَّهُمْ) بفتحِ الياءِ بغيرِ همزٍ، والباقون: بالهمزِ.
{وَلأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} الضميرُ للكفارِ؛ أي: لو علموا أن المؤمنين مُكْرَمون عند اللهِ، لآمنوا.
...
¬__________
(¬1) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: 373)، و"التيسير" للداني (ص: 137)، و"معجم القراءات القرآنية" (3/ 280).
(¬2) انظر: "أسباب النزول" للواحدي" (ص: 159)، و"تفسير البغوي" (2/ 615)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (2/ 279)، و"معجم القراءات القرآنية" (3/ 280).

الصفحة 25