كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 4)

{فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} مُذْ هَلَكوا أو عُذِّبوا حينئذٍ لا محالة. قرأ أبو جعفرٍ، وورشٌ عن نافع: (يُوَاخِذُ) (يُوَخِّرُ) بفتح الواوِ من غيرِ همزٍ، والباقون: بالهمزِ (¬1)، واختلافهم في الهمزتين من (جَاءَ أَجَلُهُمْ) كاختلافِهم فيهما في قوله: (وَلاَ تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُم) في سورة النساء.
...
{وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ (62)}.

[62] {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ} من البناتِ، والمشاركةِ، والاستخفافِ بالرسلِ، وأراذِلِ الأموالِ.
{وَتَصِفُ} أي: تقولُ {أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى} يعني: الذكورَ من الأولاد، وهو قولُ مجاهدٍ وقَتادةَ، قالَ ابنُ عطية: وهو الأسبقُ من معنى الآية، وقالت فرقة: يريدُ: الجنةَ في المعاد إن كان محمدٌ صادقًا في البعثِ (¬2)، ويؤيدُ هذا قولُه:
{لَا جَرَمَ} أي: حَقًّا {أَنَّ لَهُمُ النَّارَ} في الآخرةِ {وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ} قرأ نافعٌ بكسرِ الراءِ وتخفيفِها؛ من الإفراطِ في المعاصي، وقرأ أبو جعفرٍ بكسرِ الراءِ
¬__________
(¬1) انظر: "الغيث" للصفاقسي (ص: 271)، و"معجم القراءات القرآنية" (3/ 284).
(¬2) انظر: "المحرر الوجيز" (3/ 403). وانظر: "تفسير الطبري" (14/ 127)، و"تفسير القرطبي" (10/ 120)، و"تفسير ابن كثير" (2/ 575)، و"الدر المنثور" للسيوطي (5/ 141).

الصفحة 34