كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 4)

{ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ} بين أجزاء الغيم، فيجعله شيئًا وَاحدًا بعد أن كان قطعًا.
قرأ أبو جعفر، وورش عن نافع: (يُوَلِّفُ) بفتح الواو من غير همز (¬1).
{ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا} متراكمًا بعضُه فوق بعض.
{فَتَرَى الْوَدْقَ} المطر {يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ} فُتوقِه، جمع خَلَل.
{وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ} معناه: ينزل من جبال في السماء، تلك الجبالُ من برد.
قال ابن عباس: "أخبر الله تعالى أن في السماء جبالًا من برد" (¬2)، ومفعول الإنزال محذوف تقديره: وينزل من السماء من جبال فيها بردًا، فاستغنى عن ذكر المفعول؛ للدلالة عليه.
قال أهل النحو: ذكر الله تعالى (من) ثلاث مرات في هذه الآية، فقوله: (مِنَ السَّمَاءِ) لابتداء الغاية؛ لأن ابتداء الإنزال من السماء، وقوله: (مِنْ جِبَالٍ) للتبعيض؛ لأن ما ينزله الله بعضُ تلك الجبال، وقوله: (مِنْ بَرَدٍ) للتجنيس؛ لأن تلك الجبال جنس البرد (¬3).
{فَيُصِيبُ بِهِ} أي: بالبرد {مَنْ يَشَاءُ} فيهلك زرعه وأمواله.
{وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ} فلا يضره.
¬__________
(¬1) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: 457)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: 325)، و"معجم القراءات القرآنية" (4/ 261).
(¬2) ذكره عنه البغوي في "تفسيره" (3/ 307)، وذكره القرطبي في "تفسيره" (12/ 289) دون نسبة.
(¬3) انظر: "تفسير الطبري" (18/ 154)، و"تفسير البغوي" (3/ 307).

الصفحة 547