كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 4)

{يَكَادُ سَنَا} أي: ضوء {بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ} يختطفها من شدة ضوئه. قرأ أبو جعفر: (يُذْهِبُ) بضم الياء وكسر الهاء، فقيل: إن باء (بِالأَبْصَارِ) تكون زائدة؛ كما هي في: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ} [البقرة: 195]، قال ابن الجزري: والظاهر أن تكون بمعنى (مِنْ)؛ كما جاءت في قول الشاعر:
شُرْبَ النزيفِ ببردِ ماءِ الحَشْرَجِ (¬1)
أي: من برد، ويكون المفعول محذوفًا؛ أي: يذهب النور من الأبصار، وقرأ الباقون: بفتح الياء والهاء (¬2)، وأبو عمرو يدغم الدال من (يَكَادُ) في السين من (سَنَا بَرْقِهِ) (¬3).
...
{يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ (44)}.

[44] {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} يذهب بأحدهما، ويجيء بالآخر، وينقص من أحدهما، ويزيد في الآخر.
{إِنَّ فِي ذَلِكَ} التقليب {لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ} لأصحاب الاعتبار.
¬__________
(¬1) عجز بيت منسوب إلى الراعي النميري، وعروة بن أذينة، وعمر بن أبي ربيعة، وجميل بن معمر، وصدره:
فلثمتُ فاها آخذًا بقرونها
وانظر: "الكامل" للمبرد (1/ 381).
(¬2) انظر: "تفسير البغوي" (3/ 307)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (2/ 332)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: 325)، و"معجم القراءات القرآنية" (4/ 262).
(¬3) انظر: "الغيث" للصفاقسي (ص: 304)، و"معجم القراءات القرآنية" (4/ 261).

الصفحة 548