كتاب الأصل للشيباني ط قطر (اسم الجزء: 3)

يفسد لو تفرقا (¬1) قبل أن يقبض كل واحد منهما.
وإذا اشترى الرجل بعشرة أَفْلُس بعينها شيئاً من العروض وقبضه ثم أراد أن يعطيه غير ذلك الفلوس مما يجوز بين الناس فله ذلك. وهو بمنزلة الدراهم والدنانير في هذا الوجه. ولو أعطاه تلك الفلوس فوجد فيها فَلْساً لا تَنْفُق كان له أن يستبدله، بمنزلة درهمٍ زَيْف (¬2) وجده في الثمن، فله أن يستبدله.
وإذا اشترى الرجل فَلْساً بعينه بفَلْسَين بأعيانهما فهو جائز، لأن هذا لا يوزن (¬3). ولا يكون بمنزلة الدراهم والدنانير (¬4) في هذا الوجه. وإن تفرقا قبل أن يقبضا فهو جائز. وليس لواحد منهما أن يعطي صاحبه غير ذلك بعينه. وأيهما ما هلك انتقض البيع. وإذا دفع صاحب الفَلْس فأراد الآخر أن يعطيه فَلْساً (¬5) غير ذلك الفَلْس فليس له ذلك. ولو رَخَّصْتُ في هذا دَخَلَ فيه شيءٌ قبيح فاحش: رجل باع فَلْساً بعينه بعشرين فَلْساً وقبض
¬__________
(¬1) ز: إذا تفرقا.
(¬2) هو نوع رديء من الدرهم، وكان بيت المال يرده ولكن يروج بين التجار. وقد تقدم.
(¬3) قال الحاكم: وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال محمد: لا يجوز أن يبيع فلساً بفلسين بأعيانهما كانت أو بغير أعيانهما. انظر: الكافي، 1/ 179 و. وقد ذكر الإمام محمد هذه المسألة في كتاب البيوع أيضاً، فقال هناك: وكذلك الفلوس، فلا بأس بأن يُستبدل فلس بفلسين أو أكثر يداً بيد، ولا خير فيه نسيئة. وهذا قول أبي يوسف. وقال محمد: لا يجوز ذلك يداً بيد ولا نسيئة؛ لأن الفلوس ثمن: إن ضاع منها شيء قبل القبض وجب على صاحبه مكانه؛ لأنه من نوعه. وقال أبو يوسف: إن ضاع الفلس قبل أن يدفعه فقبض الفلسين لم يجز أن يدفع أحدهما قضاء منه. وكذلك الفلوس لا بأس بأن يشتري فلساً بفلسين أو أكثر يداً بيد، ولا خير فيه نسيئة. وذكر الإمام محمد هنا أن بيع الفلس بالفلسين بأعيانهما جائز، وسيذكر قول أبي يوسف بالجواز قريباً، ولم يذكر أنه مخالف لهما. وذكر السرخسي في الموضعين الجواز عن الإمامين أبي حنيفة وأبي يوسف، وعدم الجواز عن الإمام محمد. انظر: المبسوط، 183/ 12، 14/ 25 - 26. وانظر: بدائع الصنائع، 5/ 185، 6/ 59؛ وفتح القدير، 6/ 168، 170، 7/ 22، 75، 155؛ والبحر الرائق، 6/ 219.
(¬4) م ز - والدنانير.
(¬5) ف - فلسا.

الصفحة 9