كتاب مطالع الأنوار على صحاح الآثار (اسم الجزء: 4)

الميم والطاء
" مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا" (¬1) مَطَرَتِ السماء وأَمْطَرَت بمعنًى واحد، وحكى بعض المفسرين مَطَرَت في الرحمة وأَمْطَرَت في العذاب؛ لأنهم وجدوه كذا في القرآن في مواضع، والصحيح أنهما بمعنًى؛ ألا تراهم قالوا: {هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} [الأحقاف: 24] إنما ظنوه مطر رحمة، فقيل لهم: {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ} [الأحقاف: 24].
قول البخاري: "مَنْ تَمَطَّرَ في المَطَرِ حَتَّى تَحَادَرَ عَلَى لِحْيَتِهِ" (¬2) أي: تطلب نزول المطر عليه، فهو تَفَعَّل من لفظ المطر، مثل تَصَبَّرَ، وقد يكون من قولهم: ما مَطَّرَني بخير، أي (¬3): ما أعطانيه، والمستمطر: طالب الخير.
قوله: "تَظَلُّ جِيَادُنَا مُتَمَطِّرَاتٍ" (¬4) أي: سراعًا تمرح وتسابق، "ثُمَّ تَمَطَّيْتُ" (¬5) غير مهموز، ووقع في الأصل "تَمَطَّأتُ" مهموز، وهو وهم من المكتبة، والتَّمَطِّي: التمدد، يقال: مططت الشيء ومددته بمعنًى. واحد وقيل: هو من المطيِّ، وهو الظهر، هذا قول الأصمعي، كأن التمطي مدُّ الظهر. وقيل أيضًا: مطوت بمعنى: مددت. وهذا يدل على أن الطاء غير
¬__________
(¬1) "الموطأ، 1/ 192، ومسلم (71) من حديث زيد بن خالد.
(¬2) البخاري قبل حديث (1033).
(¬3) من (د).
(¬4) مسلم (2490) من حديث عائشة، وهو صدر بيت من شعر حسان، عجزه:
تُلَطّمُهُنَّ بِالْخُمُرِ النِّسَاءُ
(¬5) البخاري (6316)، ومسلم (763) من حديث ابن عباس.

الصفحة 36