كتاب مطالع الأنوار على صحاح الآثار (اسم الجزء: 4)

في مسلم في حديث القواريري: "إِذَا خَرَجَتْ رُوحُ المُؤْمِنِ قِيلَ لَهُ: صَلَّى اللهُ عَلَيْكِ وَعَلَى جَسَدٍ كُنْتِ تَعْمُرِينَهُ" (¬1) كذا لِلسجزي وَالسمرقندي، وعند العذري: "تَعْمُرُ فِيهِ" وكلاهما صحيح، والأول أوجه.
فصل (¬2): (عَنْ) حرفٌ جارٌّ مثل (مِنْ) قالوا: وهي بمعنى: (مِنْ) (إلا في خصائص تخصها) (¬3) إذ فيها من البيان والتبعيض مثل ما في: (مِنْ) قالوا: إلاَّ أن (مِنْ) تقتضي الانفصال في التبعيض، و (عَنْ) لا تقتضيه، تقول: أخذت من زيد (¬4) مالاً، فيقتضي انفصاله، وأخذت عنه علمًا، لا يقتضي انفصاله، ولهذا اختصت الأسانيد بالعنعنة، وهذا غير مطرد لأنه يصح أن يقول: أخذت من علم زيد، ومنه علمًا، فلا يقتضي انفصالاً، وأخذت عن أبي مالاً أو ثوبًا فيقتضي انفصاله، وقد حكى أهل اللسان: حدثني فلان من (¬5) فلان بمعنى: عن فلان، وإنما الفرق بين الانفصال والاتصال فيهما فيما يصح منه ذلك أو لا يصح؛ لا من مقتضى اللفظين، وقد تأتي (عَنْ) اسمًا يدخل عليها حرف الجر، يقال: أخذت الثوب من عن زيد.
قال القاضي: يقال: إن (مِن) هاهنا زائدة؛ لأنها تدخل على جميع الصفات إلاَّ على الباء والسلام و (في) لقلتها، فلم تتوهم العرب فيها (¬6) الأسماء توهمها في غيرها من الصفات. وقد جاءت: (عَن) بمعى (عَلَى)
¬__________
(¬1) مسلم (2872) عن عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ القَوَارِيريِّ من حديث أبي هريرة.
(¬2) في النسخ الخطية: (في الاختصاص يخصها)، والمثبت من "المشارق" 2/ 89.
(¬3) من (س، ش).
(¬4) في النسخ الخطية: (ذلك)، والمثبت من "المشارق" 2/ 89.
(¬5) في (س): (عن).
(¬6) في (س، د، ش): (فيه).

الصفحة 461