كتاب مطالع الأنوار على صحاح الآثار (اسم الجزء: 4)

وقوله: "فَقَالَتْ الرَّحِمُ: مَهْ، هذا مَقَامُ العَائِذِ بِكَ" (¬1) هذا زجر ولكنه مصروف إلى المستعاذ منه وهو القاطع، لا إلى المستعاذ به سبحانه وتقدس. وقيل: هو في الحقيقة ضرب مَثَلٍ واستعارة؛ إذ الرحم معنًى وهو اتصال القربى بين أهل النسب في أم وأب، وإذا كان هكذا لم يحتج إلى تأويل (مَهْ).
و"الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ" (¬2) هو الحاذق به، يقال: مهر بالشيء مهارة: أحكمه.
قال القاضي: وأصله من السباحة (¬3). مهر: سبح في الماء.
وقوله: "مَا أَمْهَرَهَا؟ " (¬4) أي: ما جعل صداقها؟ والمهر: الصداق، يقال: مهرها وأمهرها، وأنكر أبو حاتم (أمهر) إلَّا في لغة ضعيفة، وصححها أبو زيد، وهذا الحديث دليل عليه.
قوله: "إِنَّمَا هُوَ لِلْمُهْلَةِ" (¬5) رويناه بالفتح والكسر والضم، إلَّا أن رواية يحيى بالكسر، ورواية ابن أبي صفرة بالفتح. قال الأصمعي: بالفتح هو الصديد. وحكى الخليل فيه الكسر (¬6). وقال ابن هشام بالضم، قال: وهو الصديد (¬7)، ورواه أبو عبيد: "إِنَّمَا هُوَ لِلْمُهْلِ وَالتُّرَابِ" (¬8)، وفسره
¬__________
(¬1) البخاري (4830) من حديث أبي هريرة، وفيه: "فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ لَهَا: مَهْ. قَالَتْ: هذا مَقَامُ العَائِذِ بِكَ مِنَ القَطِيعَةِ". وعليه فلا إشكال.
(¬2) مسلم (798) من حديث عائشة.
(¬3) "المشارق" 1/ 389.
(¬4) البخاري (947) من حديث أنس.
(¬5) "الموطأ" 1/ 224، والبخاري (1387) من حديث عائشة.
(¬6) انظر "العين" 4/ 57.
(¬7) "السيرة النبوية" 1/ 387.
(¬8) "غريب الحديث" 2/ 7.

الصفحة 66