كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 4)
وذهب الشافعية إلى تفصيل آخر في بيع الأنموذج:
قال النووي: "إذا رأى أنموذجًا من المبيع منفصلًا عنه، وبنى أمر المبيع عليه، نظر: إن قال: بعتك من هذا النوع كذا وكذا، فالمبيع باطل؛ لأنه لم يعين مالًا، ولم يراع شروط السلم، ولا يقوم ذلك مقام الوصف في السلم على الصحيح من الوجهين؛ لأن الوصف يرجع إليه عند النزاع بخلاف هذا.
وإن قال: بعتك الحنطة التي في البيت، وهذا الأنموذج منها، فإن لم يدخل الأنموذج منها فوجهان، أصحهما: لا يصح البيع؛ لأن البيع غير مرئي (¬١) وإن أدخلها صح على أصح الوجهين ... ثم صورة المسألة مفروضة في المتماثلات، والله - سبحانه وتعالى - أعلم " (¬٢).
جاء في الإنصاف "وقيل: ضبط الأنموذج كذكر الصفات، نقل جعفر فيمن
---------------
= غرارة أو نحوها ... نعم يكفي رؤية بعض المثلي المكيل سواء كان حاضرًا بالبلد أو غائبًا، قاله في التوضيح ... واحترز بالمثلي من المقوم فإنه لا يكفي رؤية بعضه، قال في التوضيح: وهو ظاهر المذهب ... ".
وفي حاشية الدسوقي (٣/ ٢٤): "وجاز البيع برؤية بعض المثلي ... ولو جزافًا لما مر أن رؤية البعض كافية فيه ... بخلاف المقوم، أي كعدل مملوء من القماش فلا يكفي رؤية بعضه على ظاهر المذهب كما قال في التوضيح.
وقال ابن عبد السلام: الروايات تدل على مشاركة المقوم للمثلي في كفاية رؤية البعض إذا كان المقوم من صنف واحد، والراجح الأول، قال شيخنا: إلا أن يكون في نشره إتلاف". وانظر الشرح الصغير (٣/ ٤٠، ٤١)، منح الجليل (٤/ ٤٨٤).
(¬١) يعني: أن المبيع غير مرئي لا كله، ولا بعضه، فيكون كأنه باعه على الصفة، ومذهب الشافعية يمنعون من بيع الموصوف إلا في السلم كما تقدم تقرير مذهبهم في حكم بيع الغائب.
(¬٢) المجموع (٩/ ٣٦٠)، وانظر معالم القربة (ص ٥٨)، أسنى المطالب (٢/ ١٩)، حاشيتي قليوبي وعميرة (٢/ ٢٠٧).