كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 4)

• معنى حديث: لا ضرر ولا ضرار:
اختلف العلماء في معنى حديث: (لا ضرر ولا ضرار) هل تكرار الكلمتين من باب التوكيد، أو بينهما اختلاف في المعنى؟
على أربعة أقوال:

القول الأول:
أن المعنى واحد، وتكرارهما يراد به التوكيد، ذكره بعض الحنفية (¬١)، واختاره ابن حبيب من المالكية (¬٢).

القول الثاني:
الضرر: فعل الواحد، والضرار: أن يضر كل واحد منهما بصاحبه؛ لأن هذا البناء يستعمل كثيرًا بمعنى المفاعلة، كالقتال، والضراب، والسباب، والجلاد، والزحام وهذا اختيار بعض الحنفية (¬٣)، والباجي من المالكية (¬٤)، وذكره بعض
---------------
(¬١) غمز عيون البصائر (١/ ٣٧٤).
(¬٢) المنتقى للباجي (٦/ ٣٩)، الفواكه الدواني (٢/ ٣٣٦).
(¬٣) العناية شرح الهداية (١٠/ ٣٠٧)، معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام (ص ٢١٢)، حاشية ابن عابدين (٦/ ٥٩٣).
(¬٤) المنتقى للباجي (٦/ ٣٩)، وبعضهم يعبر عن هذا القول بتعير آخر، جاء في الفواكه الدواني (٢/ ٣٣٦): "معنى لا ضرر: أنك لا تضر من لم يضرك، ومعنى لا ضرار: لا تضر من ضرك ... ".
وقال الشيخ مصطفى الزرقاء في المدخل الفقهي العام (٢/ ٩٧٧): الضرر: إلحاق مفسدة بالغير، والضرار: مقابلة الضرر بالضرر.
وهذا عين ما قاله المطرزي الحنفي في المغرب (ص ٢٨٢): "لا ضرر ولا ضرار: أي لا يضر الرجل أخاه ابتداء، ولا جزاء؛ لأن الضرر بمعنى الضر، وهو يكون من واحد، والضرار: من اثنين، بمعنى المضارة، وهو أن تضر من ضرك".
وانظر غمز عيون البصائر (١/ ٢٧٤).

الصفحة 398