كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 4)
القول الثاني:
لا يحرم، وهو قول الموصلي الحنفي في المغني (¬١)، وهو قول مرجوح لدى الشافعية (¬٢)، وقول في مذهب الحنابلة (¬٣).
وإذا انتفى التحريم لم تنتف الكراهة (¬٤).
• دليل من ذهب إلى القول بالتحريم:
الدليل الأول:
الاحتكار ظلم للعباد، ووجهه: أن بيع ما في العصر قد تعلق به حق العامة،
---------------
= وجاء في البحر الرائق (٨/ ٢٢٩): "وفي المحيط الاحتكار على وجوه: أحدها حرام، وهو أن يشتري في العصر طعامًا، ويمتنع عن بيعه عند الحاجة إليه ... ".
إذا عرفنا ذلك فإن غالب كتب الحنفية تعبر عن حكم الاحتكار بالكراهة، والكراهة إذا أطلقت عند الحنفية فالمراد منها كراهة التحريم.
قال ابن القيم في إعلام الموقعين (١/ ٣٣): نص محمَّد بن الحسن أن كل مكروه فهو حرام، إلا أنه لما لم يجد فيه نصًا قاطعًا لم يطلق عليه لفظ الحرام. وروى محمَّد أيضاً، عن أبي حنيفة، وأبي يوسف أنه إلى الحرام أقرب؛ وقد قال في الجامع الكبير: يكره الشرب في آنية الذهب والفضة للرجال والنساء، ومراده التحريم؛ وكذلك قال أبو يوسف ومحمد: يكره النوم على فرش الحرير والتوسد على وسائده، ومرادهما التحريم.
وقال أبو حنيفة وصاحباه: يكره أن يلبس المذكور من الصبيان الذهب والحرير، وقد صرح الأصحاب أنه حرام ... وقالوا: يكره الاحتكار في أقوات الآدميين والبهائم إذا أضر بهم وضيق عليهم، ومرادهم التحريم. وقالوا: يكره بيع السلاح في أيام الفتنة، ومرادهم التحريم ... وساق أمثلة كثيرة على ذلك.
(¬١) المغني عن الحفظ والكتاب (ص ٥١٩).
(¬٢) الروضة (٣/ ٤١١)، المهذب (١/ ٢٩٢).
(¬٣) الإنصاف (٤/ ٣٣٨).
(¬٤) قال النووي في الروضة (٣/ ٤١١): "فمنه الاحتكار، وهو حرام على الصحيح، وقيل: مكروه". =