كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 4)

فإذا امتنع المحتكر عن بيعه للناس عند شدة حاجتهم إليه فقد منعهم حقهم، ومنع الحق عن المستحق ظلم. وإذا كان ذلك كذلك فإن كل آية في تحريم الظلم فإنها بعمومها صالحة للاستدلال بها على تحريم الاحتكار.
ولذلك فسر بعض العلماء قوله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: ٢٥]، قال: الإلحاد فيه: احتكار الطعام بمكة (¬١)، وهذا من قبيل التفسير بالمثال، والظلم أعم من ذلك، وأشده: الشرك بالله، قال تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: ١٣].
(ح-٢٤٤) وأما ما رواه أبو داود من طريق أبي عاصم، عن جعفر بن يحيى ابن ثوبان، أخبرني عمارة بن ثوبان، حدثني موسى بن باذان، قال: أتيت يعلى بن أمية، فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: احتكار الطعام في الحرم إلحاد فيه (¬٢).
[فهو حديث ضعيف، مسلسل بالضعفاء] (¬٣).
---------------
= وقال الشيرازي في المهذب (١/ ٢٩٢): "ومن أصحابنا من قال: يكره، ولا يحرم -يعني الاحتكار- وليس بشيء".
وقال ابن مفلح في الفروع (٤/ ٥٢، ٥٣): "ويحرم الاحتكار في المنصوص ... وكرهه في رواية صالح".
(¬١) نسبه الطبري إلى حبيب بن أبي ثابت، قال الطبري في تفسيره (٩/ ١٣١) حدثني هارون ابن إدريس الأصم، قال: ثنا عبد الرحمن بن محمَّد المحاربيّ، عن أشعث، عن حبيب بن أبي ثابت في قوله: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: ٢٥]، قال: هم المحتكرون الطعام بمكة.
وهذا إسناد ضعيف، فيه أشعث بن سوار الكندي.
وانظر في تفسير الآية: أضواء البيان للشنقيطي (٤/ ٢٩٤).
(¬٢) سنن أبي داود (٢٠٢٠).
(¬٣) في إسناده جعفر بن يحيى بن ثوبان، قال علي بن المديني: شيخ مجهول، لم يرو عنه غير أبي عاصم. تهذيب الكمال (٥/ ١١٦). =

الصفحة 413