كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 4)

الدليل الثالث:
(ح-٢٤٦) ما رواه مسلم من طريق محمَّد بن عمرو بن عطاء، عن سعيد ابن المسيب، عن معمر بن عبد الله، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: لا يحتكر إلا خاطئ (¬١).
ورواه مسلم من طريق يحيى بن سعيد، قال: كان سعيد بن المسيب يحدث، أن معمراً قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من احتكر فهو خاطئ ... (¬٢).

وجه الاستدلال:
قوله: (لا يحتكر إلا خاطئ) قال النووي: (قال أهل اللغة: الخاطئ بالهمز: هو العاصي الآثم، وهذا الحديث صريح في تحريم الاحتكار" (¬٣).
وقال أبو عبيد: "سمعت الأزهري يقول: خَطِئ إذا تعمد، وأخطأ: إذا لم يتعمد ... " (¬٤).
---------------
(¬١) مسلم (١٦٠٥).
(¬٢) مسلم (١٦٠٥) وتمام الحديث: فقيل لسعيد: فإنك تحتكر. قال سعيد: إن معمرًا الذي كان يحدث بهذا الحديث كان يحتكر.
والجواب عن فعل سعيد مع أن الحجة ليس في رأي الراوي، وإنما الحجة في روايته، وقد كان سعيد يحتكر فيما ليس بقوت كالزيت، والنوى، ولعله لا يرى الاحتكار إلا في القوت خاصة، كما هو رأي جمهور أهل العلم.
فقد روى ابن أبي شيبة في المصنف (٤/ ٤٥٥) حدثنا عيسى بن يونس، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، أنه كان يحتكر الزيت. وهذا إسناد صحيح.
كما روى ابن أبي شيبة (٤/ ٤٥٥) حدثنا وكيع، قال: حدثنا ابن أبي ذئب، عن مسلم الخياط، قال: كنت أبتاع لسعيد بن المسيب النوى، والعجم، والخبط، فيحتكره. وهذا إسناد صحيح أيضاً.
(¬٣) شرح النووي على صحيح مسلم (١١/ ٤٣).
(¬٤) المفهم (٤/ ٥٢٠).

الصفحة 415