كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 4)

القول الثاني:
لا يجوز أن يشتري له، وهو قول في مذهب المالكية (¬١)، والصحيح في مذهب الشافعية (¬٢)، واختاره ابن حزم من الظاهرية (¬٣).

• وجه من قال: لا يجوز:
احتجوا بأن البيع في اللغة يقع على الشراء، كما يقع الشراء على البيع، كقوله تعالى: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ} [يوسف: ٢٠]، أي: باعوه، وهو من الأضداد.
(ح-٢٧٨) ومثله ما رواه البخاري ومسلم من طريق أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا يبع بعضكم على بيع بعض ... الحديث (¬٤).
أي لا يشتري على شراء أخيه.
مثال البيع على بيعه: أن يقول لمن اشترى شيئًا: افسخ هذا البيع، وأنا أبيعك مثله بأرخص من ثمنه، أو أجود منه بثمنه.
ومثال الشراء على شرائه: أن يقول للبائع: افسخ هذا البيع، وأنا أشتريه منك بأكثر من هذا الثمن.
---------------
(¬١) أشار ابن جزي في القوانين الفقهية إلى الخلاف في شراء الحاضر للباد، فقال في (ص ١٧١) بعد أن ذكر أن بيع الحاضر للباد لا يجوز، قال: "واختلف في شرائه له". وقال ابن عبد البر في الاستذكار (٢١/ ٨١): "لم يختلف قول مالك في كراهية بيع الحاضر للباد، واختلف قوله في شرائه له، فمرة قال: لا يشتري له، ولا يشير عليه، ولا يبيعه، وبه قال ابن حبيب ... ". وانظر المفهم (٤/ ٣٦٨).
(¬٢) السراج الوهاج (ص ١٨٢)، مغني المحتاج (٢/ ٣٦).
(¬٣) المحلى، مسألة: (١٤٧٠).
(¬٤) صحيح البخاري (٢١٥٠)، ومسلم (١٥١٥).

الصفحة 512