كتاب شعاع من المحراب (اسم الجزء: 4)

ولعلو رتبة الشكر طعن اللعين في الخلق فقال: {وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} (¬1).
وقطع الله بالمزيد مع الشكر ولم يستثن {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} (¬2).
والشكر خلق من أخلاق الربوبية {وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ} (¬3)، وقد جعل الله الشكر مفتاح كلام أهل الجنة {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ} (¬4)، وقال {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬5).
أيها المسلم والمسلمة وتأمل معنى الشكر في اللغة، وهو: الظهور، من قولهم: دابة شكور إذا ظهر عليها من السِّمن فوق ما تُعطى من العلف.
ومن معانيه عند العلماء؛ الاجتهاد في بذل الطاعة مع الاجتناب للمعصية في السر والعلانية، وقيل: هو الاعتراف في تقصير الشكر للمنعم، وقيل: الشكر لمن فوقك بالطاعة ولنظيرك بالمكافأة، ولمن دونك بالإحسان والإفضال (¬6).
ولابد للشكر من أركان ثلاثة، ولا يكون العبدُ شكورًا إلا بمجموعها: أحدها اعترافه بنعمة الله عليه، والثاني الثناء على الله بها، والثالث: الاستعانة بها على مرضاته (¬7).
والشكر يتعلق بثلاثة أشياء، بالقلب للمعرفة والمحبة وباللسان للثناء
¬_________
(¬1) سورة الأعراف، آية: 17.
(¬2) سورة إبراهيم، آية: 7.
(¬3) سورة التغابن، آية: 17.
(¬4) سورة الزمر، آية: 74.
(¬5) سورة يونس، آية: 10. (الغزالي، إحياء علوم الدين 2202).
(¬6) تفسير القرطبي 1/ 398.
(¬7) ابن القيم: عدة الصابرين 234.

الصفحة 276