كتاب شعاع من المحراب (اسم الجزء: 4)

أحسنت إلى إحداهن الدهر، ثم رأت منك شيئًا قالت: ما رأيت منك خيرًا قط» (¬1).
فإذا كان هذا بترك شكر نعمة الزوج، وهي في الحقيقة من الله، فكيف بمن ترك شكر نعمة الله؟
يا ابن آدم كم لله عليك من نعمة تُدرك شيئًا وتغيب عنك أشياء، فبأي شيء تُراك قابلت هذه النعم؟
تنسَّك رجلٌ فقال: لا آكل الخبيص، لا أقوم بشكره فقال الحسن: هذا أحمق، وهل يقوم بشكر الماء البارد؟ (¬2).
وجاء رجلٌ إلى يونس بن عبيد يشكو ضيق حاله فقال له يونس: «أيسرك ببصرك هذه مائة ألف درهم؟ قال الرجل: لا، قال: فبيديك مائة ألف؟ قال: لا، قال فبرجليك مائة ألف؟ قال: لا .. قال: فذكَّره نعم الله عليه ثم قال له يونس؟ أرى عندك مئين الألوف، وأنت تشكو الحاجة؟ ! (¬3).
وقال أبو الدرداء رضي الله عنه: من لم يعرف نعمة الله عليه إلا في مطعمه ومشربه فقد قلَّ علمُه وحضر عذابه».
عباد الله وما بالنا ونعم الله تترى علينا نضيق بنازلةٍ يسيره، ونغتاظ لمرض يسير ألمَّ بنا، ونكره لفوات محبوب من ملاذ الدنيا فات علينا - ولئن حُرمنا القليل فقد أُعطينا الكثير، ولئن ألم بنا مرضٌ يسير فقد متعنا الله بالصحة عمرًا طويلًا.
¬_________
(¬1) متفق عليه.
(¬2) عدة الصابرين 197، 198.
(¬3) عدة الصابرين 207.

الصفحة 281