كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 4)
4 - حديث يحيى بن سعيد (¬1)، أنه قال: أمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- السعدين (¬2) أن يبيعا آنية من المغانم من ذهب أو فضة، فباعا كل ثلاثة بأربعة عينًا، أو كل أربعة بثلاثة عينًا؛ فقال لهما رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أربيتما فَرُدَّا" (¬3).
قال الإمام ابن عبد البر في معرض استدلاله بهذا الخبر: "وفي قوله. . (أربيتما فردا) دليل على أن البيع الحرام مردود أبدًا؛ فإن فات رجع فيه إلى [القيمة عند] الفقهاء" (¬4).
وقال الإمام السرخسي أيضًا: "لأن مباشرته [أي العقد الفاسد] معصية، والإصرار على المعصية معصية؛ فلهذا قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: (أربيتما فردا) " (¬5).
• الخلاف في المسألة: ليس هناك خلاف في هذه المسألة؛ إلا أن الخفية يرون أن العقد وإن كان فاسدًا إلا أنه لا يفسخ إن كان العوض مقبوضًا.
فقال السرخسي مثلًا: "الفضل الخالي عن العوض إذا دخل في البيع كان ضد ما يقتضيه البيع؛ فكان حرامًا شرعًا، واشتراطه في البيع مفسد للبيع" (¬6).
ومؤدى كلامه أن العوض ما لم يكن مشروطًا لم يفسد البيع. وفصل ابن نجيم أكثر فقال: "من جملة صور البيع الفاسد جملة العقود الربوية، يملك العوض فيها بالقبض" (¬7).
• ودليلهم على هذا: أن الربا وسائر البيوع الفاسدة من قبيل ما كان مشروعًا بأصله دون وصفه (¬8).
¬__________
(¬1) انظر الاستدلال بهذا الحديث: الاستذكار (6/ 351)، والمبسوط: (14/ 10).
(¬2) السعدان هما: سعد بن مالك [أبي وقاص]، وسعد بن عبادة. انظر: التمهيد لابن عبد البر: (24/ 104 - 106)، والمجموع شرح المهذب: (10/ 67).
(¬3) موطأ مالك: (2/ 632، رقم: 1297) به.
(¬4) الاستذكار: (6/ 351).
(¬5) المبسوط: (14/ 10).
(¬6) المبسوط: (12/ 193).
(¬7) البحر الرائق: (6/ 136).
(¬8) المرجع السابق.