كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 4)

وآخذ الدنانير، آخذ هذه من هذه، وأعطي هذه من هذه، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء" (¬1).
قال الإمام شمس الدين ابن قدامة عقب استدلاله بهذا الحديث: "دل الحديث على جواز بيع ما في الذمة من أحد النقدين بالآخر وغيره مقاس عليه ودل على اشتراط القبض في المجلس قوله: (إذا تفرقتما وليس بينكما شيء" (¬2).
2 - لأنه إذا لم يقبض في المجلس قبل التفرق -والحال هكذا- صار بيع دين بدين وهو حرام (¬3).
• الخلاف في المسألة: خالف أحمد في الرواية الثانية عنه في هذا، فقال بعدم الجواز (¬4).
¬__________
(¬1) رواه أبو داود وسكت عنه: (3/ 250، رقم: 3354)، والترمذي: (3/ 544، رقم: 1242) بلفظ: كنت أبيع الإبل بالبقيع فأبيع بالدنانير فآخذ مكانها الورق وأبيع بالورق فآخذ مكانها الدنانير فأتيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فوجدته خارجًا من بيت حفصة، فسألته عن ذلك، فقال: "لا بأس به بالقيمة"، وقال: هذا حديث لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث سماك بن حرب عن سعيد جبير عن ابن عمر، وروى داود بن أبي هند هذا الحديث عن سعيد بن جبير عن ابن عمر موقوفًا، والنسائي في الكبرى: (4/ 34، رقم: 6180) كتاب البيوع، وفي المجتبى: (7/ 281، رقم: 4582) -كما بالكبرى, وابن ماجه (2/ 760، رقم: 2262) من طرق عن سماك بنحوه، والحاكم في المستدرك: (2/ 50، رقم: 2285) - عن ابن عمر به. وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وأقره عليه الذهبي.
قلت: قد أعل الحديث يكون داود بن أبي هند رواه موقوفًا، وليس ذا بعلة، إذ قد يروى الحديث مرفوعًا حسب وصوله إلى الراوي، وقد يروى موقوفًا. مهما يكن من أمر فهو وإن كان موقوفًا فهو في حكم المرفوع؛ لأن هذا لا يقال من جهة الرأي بين ظهراني رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، واللَّه تعالى أعلم.
(¬2) الشرح الكبير لابن قدامة: (4/ 342).
(¬3) انظر: المغني: (6/ 198)، وكشاف القناع: (3/ 265)، والمبدع: (4/ 88).
(¬4) الإنصاف: (5/ 87)، وفيه: "إن كان الدين نقدًا أو بيع بنقد لم يجز بلا خلاف لأنه صرف بنسيئة. وإن بيع بعرض وقبضه في المجلس؛ ففيه روايتان: عدم الجواز. قال الإمام أحمد رحمه اللَّه: وهو غرر. والجواز نص عليها في رواية حرب وحنبل ومحمد بن الحكم".

الصفحة 83