كتاب تفسير فتح القدير (الفكر) (اسم الجزء: 4)

"""""" صفحة رقم 35 """"""
وقيل صلاة الصبح والعصر وقيل المراد صلاة الضحى وقيل المراد بالتسبيح هنا معناه الحقيقي وهو تنزيه الله سبحانه عما لا يليق به في ذاته وصفاته وأفعاله ويؤيد هذا ذكر الصلاة والزكاة بعده وهذا أرجح مما قبله لكونه المعنى الحقيقى مع وجود دليل يدل على خلاف ما ذهب إليه الأولون وهو ما ذكرناه
النور : ( 37 ) رجال لا تلهيهم . . . . .
) لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ( هذه الجملة صفة لرجال أى لا تشغلهم التجارة والبيع عن الذكر وخص التجارة بالذكر لأنها أعظم ما يشتغل به الإنسان عن الذكر وقال الفراء التجارة لأهل الجلب والبيع ما باعه الرجل على بدنه وخص قوم التجارة هاهنا بالشراء لذكر البيع بعدها وبمثل قول الفراء قال الواقدي فقال التجار هم الجلاب المسافرون والباعة هم المقيمون ومعنى عن ذكر الله هو ما تقدم في قوله ) ويذكر فيها اسمه ( وقيل المراد الأذان وقيل عن ذكره بأسمائه الحسنى أى يوحدونه ويمجدونه وقيل المراد عن الصلاة ويرده ذكر الصلاة بعد الذكر هنا والمراد بإقام الصلاة إقامتها لمواقيتها من غير تأخير وحذفت التاء لأن الإضافة تقوم مقامها في ثلاث كلمات جمعها الشاعر في قوله
ثلاثة تحذف تاآتها
مضافة عند جمع النحاة
وهي إذا شئت أبو عذرها
وليت شعرى وإقام الصلاة
وأنشد الفراء في الاستشهاد للحذف المذكور في هذه الآية قول الشاعر
إن الخليط أجدوا البين وانجردوا
وأخلفوك عد الأمر الذى وعدوا
أى عدة الأمر وفي هذا البيت دليل على أن الحذف مع الإضافة لا يختص بتلك الثلاثة المواضع قال الزجاج وإنما حذفت الهاء لأنه يقال أقمت الصلاة إقامة وكان الأصل إقواما ولكن قلبت الواو ألفا فاجتمعت ألفان فحذفت إحداهما لالتقاء الساكنين فبقى أقمت الصلاة إقاما فأدخلت الهاء عوضا من المحذوف وقامت الإضافة هاهنا في التعويض مقام الهاء المحذوفة وهذا إجماع من النحويين انتهى وقد احتاج من حمل ذكر الله على الصلاة المفروضة أن يحمل إقام الصلاة على تأديتها في أوقاتها فرارا من التكرار ولا ملجيء إلى ذلك بل يحمل الذكر على معناه الحقيقى كما قدمنا والمراد بالزكاة المذكورة هى المفروضة وقيل المراد بالزكاة طاعة الله والإخلاص إذ ليس لكل مؤمن مال يخافون يوما أى يوم القيامة وانتصابه على أنه مفعول للفعل لا ظرف له ثم وصف هذا اليوم بقوله ) تتقلب فيه القلوب والأبصار ( أى تضطرب وتتحول قيل المراد بتقلب القلوب انتزاعها من أماكنها إلى الحناجر فلا ترجع إلى أماكنها ولا تخرج والمراد بتقلب الأبصار هو أن تصير عمياء بعد أن كانت مبصرة وقيل المراد بتقلب القلوب أنها تكون متقلبة بين الطمع في النجاة والخوف من الهلاك وأما تقلب الأبصار فهو نظرها من أى ناحية يؤخذون وإلى أى ناحية يصيرون وقيل المراد تحول قلوبهم وأبصارهم عما كانت عليه من الشك إلى اليقين ومثله قوله ) فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد ( فما كان يراه في الدنيا غيا يراه فى الآخرة رشدا وقيل المراد التقلب على جمر جهنم وقيل غير ذلك
النور : ( 38 ) ليجزيهم الله أحسن . . . . .
) ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ( متعلق بمحذوف أى يفعلون ما يفعلون من التسبيح والذكر وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ليجزيهم الله أحسن ما عملوا أى أحسن جزاء أعمالهم حسبما وعدهم من تضعيف ذلك إلى عشرة أمثاله وإلى سبعمائة ضعف وقيل المراد بما في هذه الآية ما يتفضل سبحانه به عليهم زيادة على مايستحقونه والأول أولى لقوله ) ويزيدهم من فضله ( فإن المراد به التفضل عليهم بما فوق الجزاء الموعود به ) والله يرزق من يشاء بغير حساب ( أى من غير أن يحاسبه على ما أعطاه أو أن عطاءه سبحانه لا نهاية له والجملة مقررة لما سبقها من الوعد بالزيادة

الصفحة 35