كتاب تفسير فتح القدير (الفكر) (اسم الجزء: 4)

"""""" صفحة رقم 37 """"""
صدره ) كأنها كوكب دري ( شبه صدر محمد ( صلى الله عليه وسلم ) بالكوكب الدرى ثم رجع المصباح إلى قلبه فقال ) يوقد من شجرة مباركة ( ) يكاد زيتها يضيء ( قال يكاد محمد ( صلى الله عليه وسلم ) يبين للناس ولو لم يتكلم أنه نبى كما يكاد الزيت أن يضىء ولو لم تمسسه نار
وأقول إن تفسير النظم القرآني بهذا ونحوه مما تقدم عن أبى بن كعب وابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم ليس على ماتقتضيه لغة العرب ولا ثبت عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ما يجوز العدول عن المعنى العربى إلى هذه المعانى التى هي شبيهة بالألغاز والتعمية ولكن هؤلاء الصحابة ومن وافقهم ممن جاء بعدهم استبعدو تمثيل نور الله سبحانه بنور المصباح في المشكاة ولهذا قال ابن عباس هو أعظم من أن يكون نوره مثل نور المشكاة كما قدمنا عنه ولا وجه لهذا الاستبعاد فإنا قد قدمنا في أول البحث ما يرفع الإشكال ويوضح ما هو المراد على أحسن وجه وأبلغ أسلوب وعلى ما تقتضيه لغة العرب ويفيده كلام الفصحاء فلا وجه للعدول عن الظاهر لا من كتاب ولا من سنة ولا من لغة وأما ما حكى عن كعب الأحبار في هذا كما قدمنا فإن كان هو سبب عدول أولئك الصحابة الأجلاء عن الظاهر في تفسير الآية فليس مثل كعب رحمه الله ممن يقتدى به في مثل هذا وقد نبهناك فيما سبق أن تفسير الصحابى إذا كان مستنده الرواية عن أهل الكتاب كما يقع ذلك كثيرا فلا تقوم به الحجة ولا يسوغ لأجله العدول عن التفسير العربي نعم إن صحت قراءة أبى بن كعب كانت هى المستند لهذه التفاسير المخالفة للظاهر وتكون كالزيادة المبينة للمراد وإن لم تصح فالوقوف على ما تقتضيه قراءة الجمهور من السبعة وغيرهم ممن قبلهم وممن بعدهم هو المتعين وأخرج ابن جرير وابن أبى حاتم عن ابن عباس ) في بيوت أذن الله أن ترفع ( قال هى المساجد تكرم وينهى عن اللغو فيها ويذكر فيها اسم الله يتلى فيها كتابه ) يسبح له فيها بالغدو والآصال ( صلاة الغداة وصلاة العصر وهما أول ما فرض الله من الصلاة فأحب أن يذكرهما ويذكر بهما عباده وقد ورد في تعظيم المساجد وتنزيهها عن القذر واللغو وتنظيفها وتطييبها أحاديث ليس هذا موضع ذكرها وأخرج ابن أبى شيبة والبيهقى في الشعب عن ابن عباس قال إن صلاة الضحى لفى القرآن وما يغوص عليها إلا غواص في قوله ) في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال ( وأخرج ابن أبى حاتم وابن مردويه عن أبى هريرة عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في قوله ) رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ( قال هم الذين يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وأخرج ابن مردويه والديلمي عن أبى سعيد الخدرى عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) في قوله ) لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ( قال هم الذين يبتغون من فضل الله وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال كانوا رجالا يبتغون من فضل الله يشترون ويبيعون فإذا سمعوا النداء بالصلاة ألقوا مافى أيديهم وقاموا إلى المسجد فصلوا وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم والبيهقى في الشعب عنه في الآية قال ضرب الله هذا المثل قوله كمشكاة لأولئك القوم الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وكانوا أتجر الناس وأبيعهم ولكن لم تكن تلهيهم تجارتهم ولابيعهم عن ذكر الله وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبى حاتم عنه أيضا عن ذكر الله قال عن شهود الصلاة وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبى حاتم عن ابن عمر أنه كان في السوق فأقيمت الصلاة فأغلقوا حوانيتهم ثم دخلوا المسجد فقال ابن عمر فيهم نزلت ) رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ( وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير والطبراني والبيهقى في الشعب عن ابن مسعود أنه رأى ناسا من أهل السوق سمعوا الأذان فتركوا أمتعتهم فقال هؤلاء الذين قال الله فيهم ) لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ( وأخرج

الصفحة 37