كتاب تفسير فتح القدير (الفكر) (اسم الجزء: 4)

"""""" صفحة رقم 51 """"""
ثم فسر الثلاث المرات فقال ) من قبل صلاة الفجر ( وذلك لأنه وقت القيام عن المضاجع وطرح ثياب النوم وليس ثياب اليقظة وربما يبيت عريانا أو على حال لايحب أن يراه غيره فيها ومحله النصب على أنه بدل من ثلاث ويجوز أن يكون في محل رفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أى هى من قبل وقوله ) وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ( معطوف على محل ) من قبل صلاة الفجر ( ومن فى من الظهيرة للبيان أو بمعنى فى أو بمعنى اللام والمعنى حين تضعون ثيابكم التى تلبسونها في النهار من شدة حر الظهيرة وذلك عند انتصاف النهار فإنهم قد يتجردون عن الثياب لأجل القيلولة ثم ذكر سبحانه الوقت الثالث فقال ) ومن بعد صلاة العشاء ( وذلك لأنه وقت التجرد عن الثياب والخلوة بالأهل ثم أجمل سبحانه هذه الأوقات بعد التفصيل فقال ) ثلاث عورات لكم ( قرأ الجمهور ثلاث عورات برفع ثلاث وقرأ حمزة وأبو بكر عن عاصم بالنصب على البدل من ثلاث مرات قال ابن عطية إنما يصح البدل بتقدير أوقات ثلاث عورات فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ويحتمل أنه جعل نفس ثلاث مرات نفس ثلاث عورات مبالغة ويجوز أن يكون ثلاث عورات بدلا من الأوقات المذكورة أى من قبل صلاة الفجر الخ ويجوز أن تكون منصوبة بإضمار فعل أى أعنى ونحوه وأما الرفع فعلى أنه خبر مبتدأ محذوف أى هن ثلاث قال أبو حاتم النصب ضعيف مردود وقال الفراء الرفع أحب إلى قال وإنما اخترت الرفع لأن المعنى هذه الخصال ثلاث عورات وقال الكسائي إن ثلاث عورات مرتفعة بالابتداء والخبر ما بعدها قال والعورات الساعات التي تكون فيها العورة قال الزجاج المعنى ليستأذنكم أوقات ثلاث عورات فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه وعورات جمع عورة والعورة في الأصل الخلل ثم غلب فى الخلل الواقع فيما يهم حفظه ويتعين ستره أى هى ثلاث أوقات يختل فيها الستر وقرأ الأعمش عورات بفتح الواو وهى لغة هذيل وتميم فإنهم يفتحون عين فعلات سواء كان واو أو ياء ومنه أخو بيضات رايح متأوب
رفيق بمسح المنكبين سبوح
وقوله أبو بيضات رايح أو مبعد
عجلان ذا زاد وغير مزود
ولكم متعلق بمحذوف هو صفة لثلاث عورات أى كائنة لكم والجملة مستأنفة مسوقة لبيان علة وجوب الاستئذان ) ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن ( أى ليس على المماليك ولا على الصبيان جناح أى إثم في الدخول بغير استئذان لعدم ما يوجبه من مخالفة الأمر والاطلاع علي العورات ومعنى بعدهن بعد كل واحدة من هذه العورات الثلاث وهى الأوقات المتخللة بين كل اثنين منها وهذه الجملة مستأنفة مقررة للأمر بالأستئذان في تلك الأحوال خاصة ويجوز أن تكون في محل رفع صفة لثلاث عورات على قراءة الرفع فيها قال أبو البقاء بعدهن أى بعد استئذانهم فيهن ثم حذف حرف الجر والمجرور فبقى بعد استئذانهم ثم حذف المصدر وهو الاستئذان والضمير المتصل به ورد بأنه لا حاجة إلى هذا التقدير الذى ذكره بل المعنى ليس عليكم جناح ولا عليهم أى العبيد والإماء والصبيان جناح في عدم الاستئذان بعد هذه الأوقات المذكورة وارتفاع طوافون على أنه خبر مبتدأ محذوف أى هم طوافون عليكم والجملة مستأنفة مبينة للعذر المرخص في ترك الاستئذان قال الفراء هذا كقولك في الكلام هم خدمكم وطوافون عليكم وأجاز أيضا نصب طوافين لأنه نكرة والمضمر فى عليكم معرفة ولايجيز البصريون أن تكون حالا من المضمرين اللذين في عليكم وفى بعضكم لاختلاف العاملين ومعنى طوافون عليكم أى يطوفون عليكم عليكم ومنه الحديث في الهرة

الصفحة 51