كتاب تفسير فتح القدير (الفكر) (اسم الجزء: 4)

"""""" صفحة رقم 557 """"""
أى لأجل ظلمكم أنفسكم فى الدنيا وقيل إن إذ بدل من اليوم لأنه تبين فى ذلك اليوم أنهم ظلموا أنفسهم فى الدنيا قرأ الجمهور ) أنكم في العذاب مشتركون ( بفتح أن على أنها وما بعدها فى محل رفع على الفاعلية أى لن ينفعكم اليوم اشتراككم فى العذاب قال المفسرون لايخفف عنهم بسبب الاشتراك شىء من العذاب لأن لكل أحد من الكفار والشياطين الحظ الأوفر منه وقيل إنها للتعليل لنفى النفع أى لأن لأحقكم أن تشتركوا أنتم وقرناؤكم فى العذاب كما كنتم مشتركين فى سببه فى الدنيا ويقوى هذا المعنى قراءة ابن عامر على اختلاف عليه فيها بكسر إن
الزخرف : ( 40 ) أفأنت تسمع الصم . . . . .
ثم ذكر سبحانه أنها لاتنفع الدعوة والوعظ من سبقت له الشقاوة فقال ) أفأنت تسمع الصم أو تهدي العمي ( الهمزة لإنكار التعجب أى ليس ذلك فلايضيق صدرك إن كفروا وفيه تسلية لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وإخبار له أنه لايقدر علي ذلك إلا الله عز وجل وقوله ) ومن كان في ضلال مبين ( عطف على العمى أى إنك لاتهدى من كان كذلك ومعنى الاية أن هؤلاء الكفار بمنزلة الصم الذين لايعقلون ماجئت به وبمنزلة العمى الذين لايبصرونه لإفراطهم فى الضلالة وتمكنهم من الجهالة
الزخرف : ( 41 ) فإما نذهبن بك . . . . .
) فإما نذهبن بك ( بالموت قبل أن ينزل العذاب بهم ) فإنا منهم منتقمون ( إما فى الدنيا أو فى الآخرة وقيل المعني نخرجنك من مكة
الزخرف : ( 42 ) أو نرينك الذي . . . . .
) أو نرينك الذي وعدناهم ( من العذاب قبل موتك ) فإنا عليهم مقتدرون ( متى شئنا عذبناهم قال كثير من المفسرين قد أراه الله ذلك يوم بدر وقال الحسن وقتادة هى فى أهل الإسلام يريد ما كان بعد النبى ( صلى الله عليه وسلم ) من الفتن وقد كان بعد النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فتنة شديدة فأكرم الله نبيه ( صلى الله عليه وسلم ) وذهب به فلم يره فى أمته شيئا من ذلك والأول أولى
الزخرف : ( 43 ) فاستمسك بالذي أوحي . . . . .
) فاستمسك بالذي أوحي إليك ( أى من القرآن وإن كذب به من كذب ) إنك على صراط مستقيم ( أى طريق واضح والجملة تعليل لقوله فاستمسك
الزخرف : ( 44 ) وإنه لذكر لك . . . . .
) وإنه لذكر لك ولقومك ( أى وإن القرآن لشرف لك ولقومك من قريش إذ نزل عليك وأنت منهم بلغتك ولغتهم ومثله قوله ) لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم ( وقيل بيان لك ولأمتك فيما لكم إليه حاجة وقيل تذكرة تذكرون بها أمر الدين وتعملون به ) وسوف تسألون ( عما جعله الله لكم من الشرف كذا قال الزجاج والكلبى وغيرهما وقيل يسئلون عما يلزمهم من القيام بما فيه والعمل به
الزخرف : ( 45 ) واسأل من أرسلنا . . . . .
) واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون ( قال الزهرى وسعيد بن جبير وابن زيد إن جبريل قال ذلك للنبى ( صلى الله عليه وسلم ) لما أسرى به فالمراد سؤال الأنبياء فى ذلك الوقت عند ملاقاته لهم وبه جماعة من السلف وقال المبرد والزجاج وجماعة من العلماء إن المعنى واسأل أمم من قد أرسلنا وبه مجاهد والسدى والضحاك وقتادة وعطاء والحسن ومعنى الآية علي القولين سؤالهم هل أذن الله بعبادة الأوثان فى ملة من الملل وهل سوغ ذلك لأحد منهم والمقصود تقريع مشركى قريش بأن ماهم عليه لم يأت فى شريعة من الشرائع
الآثار الواردة في تفسير الآيات وسبب النزول
وقد أخرج ابن أبى حاتم عن محمد بن عثمان المخزومى أن قريشا قالت قيضوا لكل رجل من أصحاب محمد رجلا يأخذه فقيضوا لأبى بكر طلحة بن عبيد الله فأتاه وهو فى القوم فقال أبو بكر إلام تدعونى قال أدعوك إلى عبادة اللات والعزى قال أبو بكر وما اللات قال أولاد الله قال وما العزى قال بنات الله قال أبو بكر فمن أمهم فسكت طلحة فلم يجبه فقال لأصحابه أجيبوا الرجل فسكت القوم فقال طلحة قم يا أبا بكر أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فأنزل الله ) ومن يعش عن ذكر الرحمن ( الآية وثبت فى صحيح مسلم وغيره أن مع كل إنسان قرينا من الجن وأخرج ابن مردويه عن على في قوله ) فإما نذهبن بك (

الصفحة 557