كتاب تفسير فتح القدير (الفكر) (اسم الجزء: 4)

"""""" صفحة رقم 574 """"""
الدخان : ( 17 ) ولقد فتنا قبلهم . . . . .
قوله ) ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون ( أى ابتليناهم ومعنى الفتنة هنا أن الله سبحانه أرسل إليهم رسله وأمروهم بما شرعه لهم فكذبوهم أو وسع عليهم الأرزاق فطغوا وبغوا قال الزجاج بلوناهم والمعنى عاملناهم معاملة المختبر ببعث الرسل إليهم وقرئ ) فتنا ( بالتشديد ) وجاءهم رسول كريم ( أى كريم على الله كريم فى قومه وقال مقاتل حسن الخلق بالتجاوز والصفح وقال الفراء كريم على ربه إذا اختصه بالنبوة
الدخان : ( 18 ) أن أدوا إلي . . . . .
) أن أدوا إلي عباد الله ( أن هذه هى المفسرة لتقدم ماهو بمعنى القول ويجوز أن تكون المخففة من الثقيلة والمعنى أن الشأن والحديث أدوا إلى عباد الله ويجوز أن تكون مصدرية أى بأن أدوا والمعنى أنه طلب منهم أن يسلموا إليه بنى إسرائيل قال مجاهد المعنى أرسلوا معى عباد الله وأطلقوهم من العذاب فعباد الله على هذا مفعول به وقيل المعنى أدوا إلى عباد الله ما وجب عليكم من حقوق الله فيكون منصوبا على أنه منادى وقيل أدوا إلى سمعكم حتى أبلغكم رسالة ربكم ) إني لكم رسول أمين ( هو تعليل لما تقدم أى رسول من الله إليكم أمين على الرسالة غير متهم
الدخان : ( 19 ) وأن لا تعلوا . . . . .
) وأن لا تعلوا على الله ( أى لاتتجبروا وتتكبروا عليه بترفعكم عن طاعته ومتابعة رسله وقيل لاتبغوا على الله وقيل لاتفتروا عليه والأول أولى وبه قال ابن جريج ويحى بن سلام وجملة ) إني آتيكم بسلطان مبين ( تعليل لما قبله من النهى أى بحجة واضحة لاسبيل إلى إنكارها وقال قتادة بعذر بين والأول أولى وبه قال يحيى بن سلام قرأ الجمهور بكسر همزة إلى وقرئ بالفتح بتقدير اللام
الدخان : ( 20 ) وإني عذت بربي . . . . .
) وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون ( استعاذ بالله سبحانه لما توعدوه بالقتل والمعنى من أن ترجمون قال قتادة ترجمونى بالحجارة وقيل تشتمون وقيل تقتلون
الدخان : ( 21 ) وإن لم تؤمنوا . . . . .
) وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون ( أى إن لم تصدقونى وتقروا بنبوتى فاتركونى ولاتتعرضوا لى بأذى قال مقاتل دعونى كفافا لا على ولا لى وقيل كونوا بمعزل عنى وأنا بمعزل منكم إلى أن يحكم الله بيننا وقيل فخلوا سبيلى والمعنى متقارب
الدخان : ( 22 ) فدعا ربه أن . . . . .
ثم لما لم يصدقوه ولم يحيبوا دعوته رجع إلى ربه بالدعاء كما حكى الله عنه بقوله ) فدعا ربه أن هؤلاء قوم مجرمون ( قرأ الجمهور بفتح الهمزة على إضمار حرف الجر أى دعاه بأن هؤلاء وقرأ الحسن وابن أبى إسحاق وعيسى بن عمر بكسرها على إضمار القول وفى الكلام حذف أى فكفروا فدعا ربه والمجرمون الكافر وسماه دعاء مع أنه لم يذكر إلا مجرد كونهم مجرمين لأنهم قد استحقوا بذلك الدعاء عليهم
الدخان : ( 23 ) فأسر بعبادي ليلا . . . . .
) فأسر بعبادي ليلا ( أجاب الله سبحانه دعاءه فأمر أن يسرى ببنى إسرائيل ليلا يقال سرى وأسر لغتان قرأ الجمهور فأسر بالقطع وقرأ أهل الحجاز بالوصل ووافقهم ابن كثير فالقراءة الأولى من أسرى والثانية من سرى والجملة بتقدير القول أى فقال الله لموسى أسر بعبادى ) إنكم متبعون ( أى يتبعكم فرعون وجنوده وقد تقدم فى غير موضع خروج فرعون بعدهم
الدخان : ( 24 ) واترك البحر رهوا . . . . .
) واترك البحر رهوا ( أى ساكنا يقال رها يرهو رهوا إذا سكن لايتحرك قال الجوهرى يقال افعل ذلك رهورا أى ساكنا على هيئتك وعيش راه أى ساكن ورها البحر سكن وكذا قال الهروى وغيره وهو المعروف فى اللغة ومنه قول الشاعر والخيل تمرح رهوا فى أعنتها
كالطير تنجو من الشرنوب ذى الوبر
أى والخيل تمرح فى أعنتها ساكنة والمعنى اترك البحر ساكنا على صفته بعد أن ضربته بعصاك ولا تأمره أن يرجع كما كان ليدخله آل فرعون بعدك وبعد بنى إسرائيل فينطبق عليهم فيغرقون وقال أبو عبيدة رها بين رجليه يرهوا رهوا أى فتح قال ومنه قوله ) واترك البحر رهوا ( والمعنى اتركه منفرجا كما كان بعد

الصفحة 574