كتاب تفسير فتح القدير (الفكر) (اسم الجزء: 4)

"""""" صفحة رقم 576 """"""
عذاب فرعون وإما على المبالغة كأنه نفس العذاب فأبدل منه أو على أنه حال من العذاب تقديره صادرا من فرعون وقرأ ابن عباس من فرعون بفتح الميم على الاستفهام التحقيرى كما يقال لمن افتخر بحسبه أو نسبه من أنت ثم بين سبحانه حاله فقال ) إنه كان عاليا من المسرفين ( أى عاليا فى التكبر والتجبر من المسرفين فى الكفر بالله وارتكاب معاصيه كما فى قوله ) إن فرعون علا في الأرض )
الدخان : ( 32 ) ولقد اخترناهم على . . . . .
ولما بين سبحانه كيفية دفعه للضر عن بنى إسرائيل بين ما أكرمهم به فقال ) ولقد اخترناهم على علم على العالمين ( أى اختارهم الله على عالمى زمانهم على علم منه باستحقاقهم لذلك وليس المراد أنه اختارهم على جميع العالمين بدليل قوله فى هذه الأمة كنتم خير أمة أخرجت للناس وقيل على كل العالمين لكثرة الأنبياء فيهم ومحل على علم النصب على الحال من فاعل اخترناهم أي حال كون اختيارنا لهم على علم منا وعلى العالمين متعلق باخترناهم
الدخان : ( 33 ) وآتيناهم من الآيات . . . . .
) وآتيناهم من الآيات ( أى معجزات موسى ) ما فيه بلاء مبين ( أى اختبار ظاهر وامتحان واضح لننظر كيف يعملون وقال قتادة الآيات إنجاؤهم من الغرق وفلق البحر لهم وتظليل الغمام عليهم وإنزال المن والسلوى لهم وقال ابن زيد الآيات هى الشر الذى كفهم عنه والخير الذى أمرهم به وقال الحسن وقتادة البلاء المبين النعمة الظاهرة كما فى قوله ) وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا ( ومنه قول زهير فأبلاهما خير البلاء الذى يبلو
الدخان : ( 34 ) إن هؤلاء ليقولون
والإشارة بقوله ) إن هؤلاء ( إلى كفار قريش لأن الكلام فيهم وقصة فرعون مسوقة لللدلالة على استوائهم فى الإصرار على الكفر
الدخان : ( 35 ) إن هي إلا . . . . .
) ليقولون إن هي إلا موتتنا الأولى ( أى ماهى إلا موتتنا الأولى التى نموتها فى الدنيا ولا حياة بعدها ولابعث وهو معنى قوله ) وما نحن بمنشرين ( أى بمبعوثين وليس فى الكلام قصد إلى إثبات موتة أخرى بل المراد ما العاقبة ونهاية الأمر إلا الموتة الأولى المزيلة للحياة الدنيوية قال الرازى المعنى أنه لايأتينا من الأحوال الشديدة إلا الموتة الأولى
الدخان : ( 36 ) فأتوا بآبائنا إن . . . . .
ثم أوردوا علي من وعدهم بالبعث ماظنوه دليلا وهو حجة داحضة فقالوا ) فأتوا بآبائنا ( أى ارجعوهم بعد موتهم إلي الدنيا ) إن كنتم صادقين ( فيما تقولونه وتختبرونا به من البعث
الدخان : ( 37 ) أهم خير أم . . . . .
ثم رد الله سبحانه عليهم بقوله ) أهم خير أم قوم تبع ( أى أهم خير فى القوة والمنعة أم قوم تبع الحميرى والذى دار فى الدنيا بجيوشه وغلب أهلها وقهرهم وفيه وعيد شديد وقيل المراد بقوم تبع جميع أتباعه لا واحد بعينه وقال الفراء الخطاب فى قوله ) فأتوا بآبائنا ( لرسول الله صلى الله وآله وسلم وحده كقوله رب ارجعون والأولى أنه خطاب له ولأتباعه من المسليمن و المراد ب ) الذين من قبلهم ( عاد وثمود ونحوهم وقوله ) أهلكناهم ( جملة مستأنفة لبيان حالهم وعاقبة أمرهم وجملة ) إنهم كانوا مجرمين ( تعليل لإهلاكهم والمعنى أن الله سبحانه قد أهلك هؤلاء بسبب كونهم مجرمين فإهلاكه لمن هو دونهم بسبب كونه مجرما مع ضعفه وقصور قدرته بالأولى
الآثار الواردة في تفسير الآيات
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس فى قوله ) ولقد فتنا ( قال ابتلينا ) قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم ( قال هو موسى ) أن أدوا إلي عباد الله ( أرسلوا معى بنى إسرائيل ) وأن لا تعلوا على الله ( قال لاتعثوا ) إني آتيكم بسلطان مبين ( قال بعذر مبين ) وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون ( قال بالحجارة ) وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون ( أى خلوا سبيلى وأخرج ابن جرير وابن أبى حاتم وابن مردويه عنه فى قوله ) أن أدوا إلي عباد الله ( قال يقول اتبعونى إلى ما أدعوكم إليه من الحق وفى قوله ) وأن لا تعلوا على الله ( قال لاتفتروا وفى قوله ) أن ترجمون ( قال تشتمون وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبى حاتم عنه أيضا فى قوله ) رهوا ( قال سمعتا وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضا ) رهوا ( قال كهيئته وامضه وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم

الصفحة 576