فدخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله فقال: "نَعَم" فقال: ألا أُوذِنُ الناسَ بالرحيل؟ قال: "بَلَى" فأذَّن فيهم بالرحيل (¬1).
وبعث رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حنظلةَ بن الربيع ابن أخي أكثم بن صيفي إلى أهل الطائف ينظرُ هل يريدون الصلح أم لا؟ فدخل عليهم فسألهم فقالوا: الموتُ دونَ ذلك، فرجع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ونادى سعيد ابن عمرو بن عِلاجِ الثقفي من الحصن: ألا إن الحي لمقيم، فقال عيينة: أجل والله، مَجَدةٌ كِرامٌ، فقال له رجل من المسلمين: قاتلك الله يا عيينة تمدح قومًا مشركين وقد جئت تنصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ ! فقال: إني والله ما جئت أقاتل معكم ثقيفًا، ولكن أردت إذا فتح محمد الطائفَ أن أُصيب من ثقيف جاريةً فأتَّطِئَها لعلها أن تلد ذكرًا، فإن ثقيفًا قومٌ مذاكِير (¬2).
فلما ولّى عيينةُ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هذا الأحمق المطاعُ" (¬3).
وقال أبو هريرة: لما مضت خمسةَ عَشَرَ يومًا من حصارهم استشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نوفلَ بن معاوية الدِّيلي فقال: "مَا تَرَى؟ " قال: يا رسول الله ثَعْلَبٌ في جحر إن أقمت عليه أخَذْتَه، وإن تركته لم يضرك شيئًا، قال: ولم يؤذن له في فتحها، فأذَّن عمر في الناس بالرحيل فضَجُّوا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فاغدُوا على القِتال" فغدَوْا فأصاب المسلمين جراحاتٌ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنا قَافِلُونَ إنْ شاءَ اللهُ" فسرُّوا بذلك وجعلوا يرحلون ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يضحك (¬4).
وأقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بضعًا وعشرين ليلة - والله أعلم - وكل ذلك يصلي ركعتين.
وقال أبو إسحاق الثعلبي: حاصر الطائف إلى آخر شوال. فلما دخل ذو القعدة وهو شهرٌ حرامٌ لا يَحِلُّ القتال فيه انْصَرفَ عنهم، وكان معه من نسائه أم سلمة وأخرى قيل: هي زينب بنت جحش.
¬__________
(¬1) "السيرة" 2/ 484.
(¬2) "السيرة" 2/ 485.
(¬3) المغازي 3/ 937، والطبقات 6/ 178.
(¬4) "المغازي" 3/ 936 - 937.