ذكر رجوع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الجِعِرّانةِ:
خرج من الطائف، ففي منحدره إلى الجِعِرَّانةِ لقيه سراقة بن مالك بن جُعْشُم الذي تبعهم في طريق المدينة لما هاجر النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال سراقة: فدفعت الكتابَ الذي كتبه لي أبو بكر وناديتُ: أنا فلان وهذا كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعرفني، فقال: "اُدْنُ" فدنوت، فقال: "هذا يَومُ وَفَاءٍ وبِرٍّ" فأسلمت وسقت إليه الصدقة (¬1).
وانتهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الجِعِرَّانة والغنائم والسبي بها، وقد اتخذ للسبي حظائر يستظلون بها من حر الشمس، وكان السبي ستة آلاف، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشر بن سفيان الخزاعي أن يقدم مكة فيشتري للسبي ثيابًا يكسوهم بها ففعل (¬2).
ذِكْرُ ما فَرَّق من السَّبْيِ:
أعطى عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - جارية منهن فوطئها بالملك بعد أن حاضت. وأعطى صفوان بن أمية أخرى، وعلي بن أبي طالب أخرى يقال لها: رَيْطة، وأعطى عثمان رضوان الله عليه أخرى اسمها زينب بنت خُناس (¬3) فوطئها فكرهته، وأعطى عمر - رضي الله عنه - جاريةً فأعطاها لابنه عبد الله، فبعث بها إلى أخواله بني جمح بمكة ليصلحوها حتى يطوف بالبيت ثم يعود إليها قال: فبينا أنا أطوف بالبيت وفي عزمي أن أعود إليها فأطأها، فلما خرجتُ من المسجد وإذا بالناس يَشْتَدُّون، فقلت: ما لهم؟ قالوا: رُدَّ سَبْيُ هوازن، فقلت لأهلها: دونكم إياها، فأخذوها.
وأعطى جبير بن مطعم جارية فلم يطأها، وأعطى طلحة بن عبيد الله وأبا عبيدة بن الجراح والزبير بن العوام - رضي الله عنهم - جواري فوطئوهن، وهذا كله بحنين، فلما رجع إلى الجِعِرانة أقام يتربص أن يقدم عليه وفد هوازن (¬4).
¬__________
(¬1) أخرجه الحميدي في "مسنده" (902)، والطبراني في "الكبير" (6602)، وانظر "المغازي" 3/ 941.
(¬2) "المغازي" 3/ 943.
(¬3) "في "السيرة" 2/ 490، و"المغازي" 3/ 944: بنت حيان.
(¬4) "المغازي" 3/ 943 - 944.