ابسط يدك لأبايعك فأنت أمين لهذه الأمة على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال أبو عبيدة: ما رأيت لك فهَّة قبلها منذ أسلمت، أتبايعني وفيكم الصديق (¬1)؟
وقال الزهري: سألت سعيد بن المسيب، فقلت له: أشهدت وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم، قلت: فمتى بويع أبو بكر؟ فقال: في اليوم الذي توفي فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كرهوا أن يبقوا بعض يوم بغير إمام وليسوا في جماعة.
وذكر في كتاب "بيت العلوم" أنه قيل للعباس: بايع، فقال: لا أبايع إلا ابن أخي عليًا.
وقال سلمان الفارسي: كردي بكردي، أي فعلتموها، فوجئ عنقه.
وقال المغيرة بن شعبة لعلي - رضي الله عنه -: اصعد المنبر لنبايعك، فإنك إن لم تصعد صعده غيرك، فقال علي: والله إني لأستحيي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أصعد منبره ولم أدفنه احترامًا له (¬2).
وقال الشريف في "نهج البلاغة": لما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال أبو سفيان بن حرب والعباس لعلي: هلم لنبايعك بالخلافة، فقال أمير المؤمنين: أيها الناس، شقوا أمواج الفتن بسفن النجاة، وعرجوا عن طريق المنافرة، وضعوا من تيجان المفاخرة، أفلح من نهض بجناح أو استسلم فأراح، ماء آجن، ولقمة يغص بها آكلها، ومجتني الثمرة لغير وقت إيناعها كالزارع بغير أرضه، فإن أقُلْ شيئًا يقولوا: حَرِصَ على الملك، وإن أسكت يقولوا: جزع من الموت، هيهات بعد اللتيا والتي، والله لابن أبي طالب آنَسُ بالموت من الطفل بثدي أمه، ولقد اندمجت على مكنون علم لو بحت به لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطوي البعيدة (¬3).
قال المصنف رحمه الله: وقوله: إن أبا سفيان قال لعلي - رضي الله عنه -: أبايعك بالخلافة، فيه نظر، لأنهم اختلفوا في حضوره، فذكروا أن أبا سفيان قال لعلي: ما بال هذا الأمر
¬__________
(¬1) "الطبقات" 3/ 166.
(¬2) أخرجه ابن أبي الدنيا في "الإشراف في منازل الأشراف" (310).
(¬3) انظر نثر الدر 1/ 277، ومنه أصلحت النص فهو في النسختين (أ، خ) غير واضح.