كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 4)

في أقل حي من قريش، والله إن شئت لأملأنَّها عليهم خيلًا ورجلًا، فقال له علي - رضي الله عنه -: طال ما عاديت الإسلام وأهله فلم يضره ذلك شيئًا، ولقد رُمْتَ هذا في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يتم لك ذلك، وأتم الله نوره (¬1).
وقال عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو سفيان عامله على نجران ولم يكن بالمدينة (¬2).
وقال صاحب "العقد": توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو سفيان في مسعاة، أخرجه فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما انصرف لقي رجلًا في طريقه مقبلًا من المدينة، فقال له: ما الخبر، أمات محمد؟ قال: نعم، قال: فمن قام بعده بالأمر؟ قال: أبو بكر، قال: فما فعل المستضعفان علي والعباس؟ قال: جالسان في بيت فاطمة، فقال: أما والله إن بقيت لهما لأرفعن من أعقابهما، ثم قال: إني لأرى غيرة لا يُطفئها إلا دم، فلما قدم المدينة جعل يطوف أسواقها وأزقتها، ويقول: [من الطويل]
بني هاشم لا تطمعوا الناس فيكم ... ولا سيما تيم بن مرة أو عدي
فما الأمر إلا فيكم وإليكم ... وليس لها إلا أبو حسن علي
وبلغ عمر قوله فقال لأبي بكر: إن هذا قد قدم وهو فاعل شرًا، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستألفه (¬3) على الإسلام، فدع له ما بيده من الصدقة، ففعل، فرضي أبو سفيان، وبايعه.
وذكر صاحب "العقد" أن عليًا والعباس والزبير قعدوا في بيت فاطمة - عليها السلام -، فبعث إليهم أبو بكر عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - ليخرجهم من بيت فاطمة، وقال: إن أبوا قاتلهم، فأقبل عمر وفي يده قبس من نار ليضرم عليهم البيت، فخرجت إليه فاطمة، وقالت:
¬__________
(¬1) تاريخ الطبري 3/ 209، وأخرج عبد الرزاق في "مصنفه" (9767)، والحاكم في "مستدركه" 3/ 83 عن أبي الشعثاء الكندي، عن مرة الطيب قال: جاء أبو سفيان بن حرب إلى علي بن أبي طالب فقال: ما بال هذا الأمر في أقل قريش قلة، وأذلها ذلة - يعني أبا بكر - والله لئن شئت لأملأنها عليه خيلًا ورجالًا، فقال علي: لطال ما عاديت الإسلام وأهله يا أبا سفيان فلم يضره شيئًا، إنا وجدنا أبا بكر لها أهلًا.
(¬2) "تاريخ دمشق" 23/ 460.
(¬3) في (أ) و (خ): يبايعه، والمثبت من العقد 4/ 257.

الصفحة 269