نفسها للسوقة، ثم قالت: إني أعوذ بالله منك، فقال لها: "عُذتِ بمعاذٍ" ثم خرج علينا فقال: "يا أبا أُسيد، اكسُها رَازقية وألحقها بأهلِها". انفرد بإخراجه البخاري (¬1).
و"السوقة" عند العرب: من ليس بملك، والعامة تخص بهذا الاسم من لازم السوق، والعرب لا تعرف هذا، لأن الملك يسوقهم فينقادون إليه.
وقال الجوهري: "الرازقية": ثياب كتان (¬2).
وفي روايةٍ عن أبي أسيد قال: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتيته بالجوْنية، فأنزلها في أطم بني ساعدة، فلما جاءها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقعى، ثم أهوى إليها ليقبلها فقالت: أعوذ بالله، فانحرف عنها ووثب، فخرج وأمرني بردها إلى قومها، فلما طلعت عليهم قالوا: إنك لغير مباركة، جعلتينا في العرب شهرة، فأقامت في بيتها لا يطمع فيها طامع ولا يراها إلا ذو رحم محرم حتى توفيت أيام عثمان بن عفان عند أهلها (¬3).
وكان يقال: إنه تزوجها في ربيع الأول سنة تسع من الهجرة، وأنها هي التي أمرتها عائشة أن تستعيذ منه.
وقال سهل بن سعد: وذكر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأة من العرب فأمر أبا أسيد الساعدي أن يرسل إليها، فأرسل إليها، فقدمت، فنزلت في أطم بني ساعدة، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى جاءها، فدخل عليها، فإذا امرأة منكسة رأسها، فلما كلمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت: أعوذ بالله منك، فقال: "قد أعَذتُكِ منِّي"، فقالوا لها: أتدرين من هذا؟ قالت: لا، قالوا: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاء ليخطبك، قالت: أنا كنت أشقى من ذلك، فأقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - يومئذ حتى جلس في سقيفة بني ساعدة هو وأصحابه، وقال: "يا سَهلُ اسْقنا" فأخرجت لهم هذا القدح، فسقيتهم به. قال أبو حازم: وأخرج لنا سهل ذلك القدح، فشربنا منه، ثم استوهبه منه عمر بن عبد العزيز، فوهبه له سهل (¬4).
وقال قتادة: كانت تبكي، وتقول: أنا الشقية.
¬__________
(¬1) أحمد في "مسنده" (16061)، والبخاري (5257).
(¬2) "الصحاح": (رزق).
(¬3) أخرجها ابن سعد في "الطبقات" 10/ 141.
(¬4) أخرجه البخاري (5637)، ومسلم (2007).