كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 4)

وقال الواقدي: أقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة ثلاثًا، فجاءه حويطب بن عبد العزى في نفر من قريش فقالوا: قد انقضى الأجل فاخرج عنا، وكان قد تزوج ميمونة بنت الحارث الهلالية، زَوَّجَها به العباس وهي خالة عبد الله بن عبد العزى (¬1).
وقال البلاذُري: [وكانت ميمونة قبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند] أبي سَبرة بن أبي رُهْمٍ وتوفي، فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا رافعٍ مولاه ومعه أوس بن خَوْليّ الأنصاري إلى العباس فزوَّجه إياها بمكة، فلما قال له المشركون: اخرج عنا قال: ما ضَرَّكم لو تركتموني فأعرستُ عندكم وصنعتُ لكم طعامًا فحضرتموه، فقالوا: لا حاجة لنا في طعامك، ووكَّلوا به جماعةً منهم حُوَيْطب (¬2).
قال ابن إسحاقَ: فقال لهم سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل - رضي الله عنه -: البلدُ بلدُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبلد آبائه، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مهلًا يا سعيدُ، أو: مَهْ، وخَلَّف رسولُ الله أبا رافع عند ميمونة، فخرج بها على قلوصٍ، فجعل أهل مكة يُنَفِّرونه ويقولون: لا باركَ اللهُ لك (¬3).
ولما خرج رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من مكة نادى مناديه: لا يبقى بها أحد من المسلمين. قال هشام: والصَّحيحُ: أن العباسَ زوَّجه بها بموضع يقال له: سَرِف وبنى بها فيه لَمَّا حلَّ من عمرته عند عودته إلى المدينة. وتوفيت بهذا المنزل في سنة إحدى وستين، وسنذكرها هناك إن شاء الله تعالى.
قال الإمام أحمد بن حنبل رحمة الله عليه: حدَّثنا عفان بن مسلم، حدَّثنا وهيب، عن عبد الله بن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوَّجَ مَيمونةَ وهو مُحرمٌ. متفق عليه (¬4).
وعن ابن عباس أيضًا: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تَزوَّج ميمونةَ وهما مُحرمانِ (¬5).
¬__________
(¬1) "المغازي" 2/ 739.
(¬2) "أنساب الأشراف" 1/ 534 - 535، وما بين معقوفيق زيادة منه.
(¬3) انظر "أنساب الأشراف" 1/ 535.
(¬4) أخرجه أحمد في "مسنده" (2273)، والبخاري (1837)، ومسلم (1410).
(¬5) أخرجه أحمد في "مسنده" (2200).

الصفحة 29