كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 4)

الباب الثاني والعشرون: في ذكر حَجِّه وعمرته - صلى الله عليه وسلم -
لم يحج في الإسلام إلا مرّةً واحدةً، وهي حَجّةُ الوداعِ، وأما في الجاهلية فقد كان يقف مع المشركين على عادتهم، وكذا بعد النبوة حتى هاجر، واعتمر أربع عمر.
قال قتادة: سألتُ أنس بن مالك، قلتُ: كَم حجَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: حجَّةً واحدةً، واعتمر أربع عمر: عمرته زمنَ الحديبيةِ، وعمرته في ذي القَعدة قضاء عن الحديبية، وعمرته عن الجِعْرَانة في ذي القَعدة حيث قسم غنائم حُنين، وعمرته مع حجته. أخرجاه في "الصحيحين" (¬1).
قال المصنف رحمه الله: عمرة الحديبية لا تحسب لأنه ما دخلَ مكَّة، فكان حكمه حكم المحصَرِ.
والأصحُّ أنه اعتمر ثلاث عمرٍ.
وكان عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - يقول: اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربع عمر: عُمرة في رجب، وقد أنكَرت عليه عائشة - رضي الله عنها - وقالت: ما اعتمر إلا ثلاث عمر (¬2).
قال عروة بن الزبير: كنت أنا وابن عمر مستنديْن إلى حجرة عائشة، وإنا لنسمعها تستنُّ بالسواك، قلت: أبا عبد الرحمن، اعتمر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في رجب؟ قال: نعم، قلت: يا أمَّتاه، ما تسمعِين ما يقول أبو عبد الرحمن؟ قالت: ما يقولُ؟ قلتُ: يقول: إِنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - اعتمر في رجب، فقالت: يغفر الله له، ما اعتمر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في رجَب، قال: وابن عمر يسمع، فما قال: لا، ولا نعم، سكت. أخرجاه في "الصحيحين" (¬3).
وفي روايةٍ: أنَّها قالت: ولَعَمري، ما اعتمرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا وهو معه، وشاهده.
¬__________
(¬1) البخاري (1778)، ومسلم (1253).
(¬2) أخرجه أحمد في "مسنده" (25910).
(¬3) أخرجه البخاري (1775 - 1776)، ومسلم (1255).

الصفحة 319