كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 4)

ويحسنُ إليها، واختلفوا في إسلامها، وذكرها أبو الفرج بن الجوزي رحمه الله من جملة النساء اللاتي لهن صُحْبَة ورُؤيَةٌ (¬1).

حليمة بنت أَبي ذُؤيب (¬2) السعدية
التي أرضعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أسلمت هي وزوجُها ودخلت على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فاحترمها وثنى لها وسادة وبسط لها رداءه وقال: "أُمِّي أُمِّي" (¬3). حدثت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

سعدُ بنُ خَوْلَةَ (¬4) بن سعيد
حليف بني عامر بن لؤي، وهو من أهل اليمن، أسلم قديمًا وهاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية، وهو من المهاجرين الأولين، شهد بدرًا وأُحُدًا والخندقَ والحديبية.
قال سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -: كنت معَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع فمرضتُ مرضًا أشْفَيتُ منه على الموت، فعادَني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا رسول الله، إن لي مالًا كثيرًا وليس يَرِثُني إلا ابنةٌ لي، أَفَأُوْصي بِثُلثَيْ مالي؟ قال: "لا"، قلت: فبالشطر؟ قال: "لا"، قلت: فثلث مالي؟ قال: "الثُّلثُ، والثُّلثُ كَثيرٌ، إنَّكَ يا سَعْدُ، أن تَدَعَ وَرَثَتكَ أَغنِياءَ خَيرٌ لكَ مِن أَن تَدَعَهُم عَالةً يَتكَفَّفُون النَّاسَ، إنَّك يا سَعدُ، لَنْ تُنْفِقَ نَفَقةً تبتَغِي بها وَجهَ اللهِ إلَّا أُجِرْتَ عليها، حتى اللُّقمةَ تَجعَلُها في فِي امرَأتِكَ" قال: قلت: يا رسول الله، أُخَلَّفُ بعد أصحابي؟ قال: "إنَّكَ لنْ تُخَلَّفَ فتَعملَ عَمَلًا تَبتَغي بهِ وَجْهَ الله إلَّا ازْدَدْتَ بهِ دَرَجةً ورِفْعَةً، ولَعلَّك أن تُخلَّفَ حتى يَنفَعَ الله بكَ أَقوامًا ويَضُرَّ بكَ أَقوامًا آخرين، اللَّهمَّ أمضِ لأَصحابي هِجْرَتَهم ولا تَردَّهُم على أعقابِهِم، لكنِ البائِسُ سَعْدُ بن خَوْلَة" يرثي له النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان مات بمكة. أخرجاه في "الصحيحين" (¬5).
ومعناه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يكرهُ لمن هاجر إلى المدينة أن يُقيمَ بعد نُسُكِه بمكَّةَ.
¬__________
(¬1) "تلقيح فهوم أهل الأثر" ص 237.
(¬2) "الإصابة" 4/ 274.
(¬3) أخرجه ابن سعد في "الطبقات" 1/ 93.
(¬4) "الطبقات الكبرى" 3/ 378.
(¬5) أخرجه البخاري (1295)، ومسلم (1628).

الصفحة 32