كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 4)

وللبخاري، عنه أيضًا، قال: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عندَ بعضِ نسائهِ، فأرسَلَت إليه إحدى أُمَّهاتِ المؤمنينَ بصَحْفَةٍ فيها طعامٌ، فضَرَبت التي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في بَيتها يدَ الخادِمِ، فوقَعتِ الصَّحفَةُ، فانكَسَرت، فجمعَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فِلَقَ الصَّحْفَةِ، ثم جعَلَ يجمعُ الطعامَ الذي كانَ فيها، ويقول: "غارَت أُمُّكُم، غَارَت أُمُّكُم"، ثم حبسَ الخادِمَ حتى أتي بصَحفَةٍ من عندِ الذي هو في بَيتِها، فدفعَ الصَّحْفَةَ الصَّحيحةَ إلى التي كُسرت صَحْفَتُها، وأمسكَ المكسورةَ في بَيتِ التي كُسرَت عندها (¬1).
وذكر الإمامُ أحمد رحمة الله عليه في "المسند" أنَّ التي صنَعتِ الطعامَ صفيةُ، والتي كَسرت القصعةَ عائشةُ، وأنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - غضِبَ عليها (¬2).
وقال أنس: جاءَ رجلٌ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أينَ أبي؟ فقال: "في النَّار"، فلما قفَّى الرجلُ - أي ولَّى - ورأَى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ما في وَجههِ، دَعاه، وقال: "إنَ أبي وأَبَاكَ في النَّارِ" (¬3).
ولمسلم، عنه قال: كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلَّى الغَدَاةَ، جاءَ خَدَمُ أهلِ المدينةِ [بآنِيَتِهم فيها الماءُ، فما يُؤتى بإناءٍ إلَّا غَمَس يدَه فيها، فربَّما جاؤوه في الغَدَاةِ البارِدَةِ فيغمسُ يدَه فيها] (¬4).
وقال جابر بن عبد الله: مرضتُ، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُني، وليسَ براكبٍ بَغلًا، ولا بِرْذَونًا (¬5). يعني: ماشيًا.
قال الأسودُ: قلتُ لعائشةَ: ما كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَصنعُ في أهلهِ؟ فقالت: كان - صلى الله عليه وسلم - في مِهنَةِ أهلِه، فإذا حضَرتِ الصلاةُ خرجَ إلى الصلاةِ. انفرد بإخراجه البخاري (¬6)، والمهنة: الخدمة.
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري (5225).
(¬2) أحمد في "مسنده" (26366).
(¬3) أخرجه مسلم (203).
(¬4) مسلم (2324) وما بين معقوفين زيادة منه.
(¬5) أخرجه البخاري (5664)، وأحمد في "مسنده" (15011).
(¬6) أخرجه البخاري (676).

الصفحة 332