بُسْرٌ ورُطبٌ وتمرٌ، فقال: كُلوا من هذا، وأخذ المُديَةَ، فقال له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إيَّاكَ والحَلوبَ" فذبحَ لهم، فأَكلُوا من الشاةِ ومن ذلك العِذْقِ، وشربوا من الماءِ، فلما أن شَبِعُوا، ورَوُوا، قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكرٍ وعمرَ: "والذِي نَفسِي بيَدِه لتُسأَلنَّ عن هذا النَّعيمِ يومَ القيامةِ، أَخرَجَكُم من بُيوتِكُم الجوعُ، ثم لم تَرجِعُوا حتى أَصابكُم هذا النعيمُ". انفرد بإخراجهِ مسلم (¬1)، وهذا الأنصاري هو أبو الهيثم ابن التَّيَّهان. [و"العِذْق": الكباسة من البسر والرطب].
وعن ابن عمر - رضي الله عنهما -: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أَتى فاطمةَ، فوجدَ على بابها سِترًا، فلم يَدخل، وقلما كان يدخل إلَّا بدأ بها، فجاء عليٌّ فرآها مُهتمَّة، فقال: ما لَكِ؟ فأخبَرَته، فجاء إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -. وأَخبره أنَّ فاطمةَ - عليها السلام - قد اشتدَّ عليها أنَك جِئتَها فلم تَدخُل عليها، فقال: "ما أَنا والدُّنيا، ما أَنا والرَّقْم" فذهب عليٌّ فأخبرَ فاطمةَ بقولِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: قُل له: ما يأمُرُني؟ فسألَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "قُل لها تُرسِل به إلى بني فلانٍ، فإنَّهم أهل بيتٍ لهم به حاجةٌ" فأرسلته. انفرد بإخراجه البخاري (¬2).
وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَبيتُ اللَّيالي المتتابعةَ طَاويًا وأهلُه لا يَجدون عشاءً، وكان أكثرُ خبزهم خبز الشعير (¬3).
[وقال أحمد بإسناده عن] عائشة رضوان الله عليها قالت: ما شبع آلُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -[من خبز الشعير] يومين متتابعين حتى قُبضَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - (¬4).
وفي رواية: ما شبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أيام تِباعًا من خُبز برًّ حتى مضَى لِسَبيلهِ (¬5). الروايتان متفق عليهما (¬6).
وقالت عائشةُ رضوان الله عليها: بعثَ إلينا أبو بكر بقائمةِ شاةٍ ليلاً، فأمسَك رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وقطعتُ، أو قَطَع فأمسكتُ، فقال الذي تحدثه: على غيرِ مصباحٍ؟ فقالت: لو كان عندنا مصباح لائْتَدَمْنا به، إن كان لَيأتي على آلِ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - الشهرُ ما يَختَبزون خُبزًا
¬__________
(¬1) أخرجه مسلم (2038).
(¬2) أخرجه البخاري (2613)، وأحمد في "مسنده" (4727)، واللفظ له.
(¬3) أخرجه أحمد في "مسنده" (2303)، والترمذي (2360)، وابن ماجه (3347).
(¬4) أخرجه مسلم (2970) (22)، وأحمد في "مسنده" (24665)
(¬5) أخرجه البخاري (6455)، ومسلم (2970) (21)، وأحمد في "مسنده" (24151).
(¬6) انظر "الجمع بين الصحيحين" (3249).