ولا يَطبخون قِدرًا (¬1).
[وقال أحمد بإسناده عن هشام بن عروة، عن أبيه] عن عائشة أنها قالت: يا ابن أُختي كان شَعرُ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فوقَ الوَفْرةِ ودونَ الجُمَّةِ، وايمُ الله، إنْ كانَ لَيمرُّ على آلِ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - الشهرُ لم يُوقَد في بيتِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نارٌ إلَّا أَن يكونَ اللَّحيم، وما هنا إلَّا الأسودانِ الماءُ والتمرُ، إلا أنَّ حولَنا أهل دورٍ من الأنصارِ جَزاهُم اللهُ خيرًا - في الحديث والقديم - فكلَّ يومٍ يَبعثون إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بغَزيرةِ شاتِهم، فيتناولُ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - من ذلكَ اللَّبَن، ولقد تُوفِّي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وما في رَفِّي من طعام يأكُله ذو كبِدٍ إلَّا قريبٌ من شَطرِ شَعيرِ، فأَكلتُ منه حتى طالَ عليَّ، فَكِلتُه فَفَني، فليتني لم أكِلْهُ، وايمُ اللهِ إنَّ ضِجاعَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - من أَدمٍ حَشوه ليفٌ. أخرجاه في "الصحيحين" (¬2).
وقالت: كان يمرُّ بنا الهلالُ والهلالُ فما يوقدُ في بيتنا نار (¬3).
قالت: ولما فُتحت خيبرُ قلنا: الآنَ نشبعُ من التمرِ (¬4).
وقال أنسٌ: دخلتُ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مُضطجعٌ على سريرٍ مُرْمَلٍ بشريطٍ، وتحتَ رأسهِ وِسادةٌ من أَدَمٍ حَشوُها ليفٌ، ودخل عمرُ، فلم يَرَ بينَ جنبه والشريطِ ثوبًا، وقد أثَّر الشريطُ في جنب رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فبَكَى عمرُ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما يُبكِيكَ؟ " قال: أنتَ أكرمُ على الله من كسرى وقيصرَ وهما يعيثان (¬5) في الدنيا وأنتَ بالمكانِ الذي أَرَى؟ فقال له: "يا عمرُ، أَلاَ ترضى أن تكونَ لهمُ الدنيا ولنا الآخرةُ؟ " قال: بلى، قال: "فإنَّه كذلِكَ".
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: دخلَ عمر بن الخطاب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على حصيرٍ، وقد أثَّر في جنبهِ، فقال: يا نبيَّ اللهِ لو اتّخذت فِراشًا أوثر من هذا، فقال: "ما لي وللدُّنيا، ما مَثَلي ومثلُ الدُّنيا إلا كَراكِبٍ سارَ في يوم صائفٍ، فاستظلَّ تحتَ شجرةٍ ساعةً من نهارِ، ثم رَاحَ وتَركَها" (¬6).
¬__________
(¬1) أخرجه أحمد في "مسنده" (25825) وإسناده ضعيف.
(¬2) أخرجه أحمد في "مسنده" (24768)، وهو في البخاري (6451)، ومسلم (2973) مختصرًا.
(¬3) أخرجه أحمد في "مسنده" (24561).
(¬4) أخرجه البخاري (4242).
(¬5) في (أ، خ): لغنيان، وليس في (ك)، والمثبت من مسند أحمد (12417).
(¬6) أخرجه أحمد في "مسنده" (2744).