كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 4)

وقالت عائشة: أرسلتُ إلى نُسيبةَ بشاةٍ من الصدقةِ، فبعَثَت إليَّ من لَحمِها، فدخَلَ علي رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقال: "هَل عِندَكُم شيءٌ؟ " قلت: لا، إلَّا ما أَرسَلت به نُسيبةُ، فقال: "هاتِ قد بلَغَت مَحِلَّها" متفق عليه (¬1).
قالت عائشة: وتُصدِّق على بَريرةَ بلحم، فدخلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَرَأى القِدرَ تَفورُ على النارِ، فقال: "ما هذا؟ " قلت: لحمٌ تُصدَّق به على بَريرةَ فأهدَت إلينا منه، وأنتَ لا تأكُلُ الصدقةَ، فقال: "هو لَها صَدقةٌ، ولنا هَديَّةٌ" فأكَلَ منه. متفق عليه (¬2).
وتحرمُ الصدقة على أهل بيتِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وهم: آل عليًّ، وآل عَقيلٍ، وآل جعفرٍ، وآل العباس بن عبدِ المطَّلِبِ ومَواليهم.
وقال يزيد بن حيان التيمي: انطلقت أنا وحُصين بن سَبرة، وعمرُ بن مسلم إلى زيدِ ابن أرقم، فقال له حصين: يا زيدُ، لقد لقيتَ خيرًا كثيرًا، رأيتَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وصحبتَه، وصلَّيتَ خلفَه، وغزوتَ معه، فحدِّثنا يا زيدُ مما سمعتَ منه، فقال: قامَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فينا خطيبًا بماءٍ يُدعى خُمًّا بين مكة والمدينة، فحمِدَ الله، وأَثنى عليه، وذكَّرَ ووَعَظَ، وقال: "أيُّها الناسُ، إنَّما أَنا بشَرٌ مثلُكُم، يوشِكُ أن يأتيَني رسولُ ربِّي، فأُجيب، وإنِّي تاركٌ فيكم ثَقَلين: أولُهما كتابُ الله، فيه الهُدى والنورُ، فخذُوا به، واسْتَمْسِكُوا به" قال: "وأهلُ بَيتي، أذكَّركُم اللهَ في أهلِ بَيتي" قالَها ثلاثًا، فقال له حُصين: ومَن أهلُ بيتِه يا زيدُ، أَليسَ نساؤُه من أهل بيتِه؟ [قال: إن نساءَه من أهل بيته، ولكن أهل بيته] من حُرم الصدقةَ بعده، قال: ومَن هم؟ قال: آل عليًّ، وآل عَقيلٍ، وآلُ جعفرٍ، وآل العباسِ، قال: أكلُّ هؤلاءِ حُرمَ الصدقةَ؟ قال: نعم (¬3).
* * *
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري (2579)، ومسلم (1076).
(¬2) أخرجه البخاري (2578)، ومسلم (1075).
(¬3) أخرجه أحمد في "مسنده" (19265)، ومسلم (2408)، وما بين معكوفين منهما.

الصفحة 347