كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 4)

في آخرِه؟ فقالت: ربَّما أوترَ في أوله، وربَّما أوترَ في آخرِه، فقلتُ: الحمدُ للهِ الذي جَعَل في الأمر سَعَةً (¬1).
وقالت عائشةُ رضوان الله عليها: لم يكن رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على شيءٍ من النَّوافلِ أشدَّ تَعاهُدًا منه على رَكعَتَي الفجرِ (¬2).
وقالت: ما تَرَكَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتَيْن بعدَ العصرِ عِندي قطُّ (¬3).
قال الزهري: كان مخصوصًا بذلك.
وقالت: كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قامَ يُصلِّي من الليلِ افتَتَح الصلاةَ بركعتينِ خَفيفتين (¬4).

فصل في قيام رمضان:
قال زيدُ بن ثابت: إنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - اتَّخذَ حُجرةً في المسجدِ من حصيرٍ فصلَّى فيها ليالٍ حتى اجتَمَع إليه ناسٌ، ثم فَقدُوا صوتَه، فظنُّوا أنَّه قد نامَ، فجعَلَ بعضُهم يتنَحنَحُ ليخرجَ إليهم. فقال: "ما زال بكم الذي رأيت من صنيعكُم حتى خشيتُ أن يُكْتَبَ عليكُم، ولو كُتب عليكُم ما قُمتُم به، فصلُّوا في بُيوتِكُم، فإنَّ أفضَلَ صلاةِ المرءِ في بيتهِ إلَّا المكتوبةَ". أخرجاه في "الصحيحين" (¬5).
وقالت عائشةُ رضوان الله عليها: صلَّى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ليلةً في المسجدِ في شهرِ رمضانَ ومعهُ أُناسٌ، ثم صلَّى الثانيةَ فاجتَمعَ تلكَ الليلةَ أكثرُ من الأُولى، فلما كان في الليلةِ الثالثةِ أو الرابعةِ امتَلأَ المسجدُ حتى اغتصَّ بأهلِه، فلم يَخرج إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجعَلَ الناسُ يُنادونَه: الصلاةَ، فلم يَخرج إليهم، فلمَّا أصبحَ قال له عمرُ بن الخطاب: يا رسولَ الله، ما زالَ الناسُ يَنتظرونَكَ البارِحَة، فقال: "أَما إنَّه لم يَخْفَ عليَّ أمرُهم،
¬__________
(¬1) أخرجه أحمد في "مسنده" (24202)، وأبو داود (226).
(¬2) أخرجه أحمد في "مسنده" (24167)، والبخاري (1169)، ومسلم (724) (94).
(¬3) أخرجه أحمد في "مسنده" (24645)، والبخاري (591)، ومسلم (835) (299).
(¬4) أخرجه أحمد في "مسنده" (24017)، ومسلم (767).
(¬5) أخرجه البخاري (7290)، ومسلم (781). وأحمد في "مسنده" (21582).

الصفحة 351