كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 4)

وتُفطر حتى لا تكادُ تصومُ، إلَّا يومين إن دخلا في صيامِكَ وإلَّا صُمتَهما، قال: "أيَّ يَومَينِ؟ " قلت: يومَ الاثنينِ ويومَ الخميسِ. قال: "ذانِكَ يَومان تُعرضُ فيهما الأَعمالُ على ربِّ العالمينَ، فأُحبُّ أن يُرفَعَ عَملِي وأَنا صائمٌ". أخرجه الإمامُ أحمدُ رحمة الله عليه في "المسند" (¬1).
وقال ابن مسعود - رضي الله عنه -: كانَ يصومُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثةَ أيامٍ من غُرَّة كلِّ شهرٍ، وقلما كان يُفطرُ يومَ الجمعةِ (¬2).
وقد ثبتَ أنَّه - صلى الله عليه وسلم - كانَ يصومُ الأيامَ البيضَ، وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر (¬3).
وفي "الصحيحين" عن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - قال: كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَصوم يومَ عاشوراءَ قبل أن يُفتَرضَ صيامُ رمضانَ (¬4).
* * *
¬__________
(¬1) أحمد في "مسنده" (21753).
(¬2) أخرجه أحمد في "مسنده" (3860)، وأبو داود (2450)، وابن ماجه (1725).
(¬3) أخرج الإمام أحمد في "مسنده" (20316) عن قتادة بن مِلحان قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرهم بصيام أيام البيض، ويقول: "هن كصيام الدهر".
وأخرج أحمد (25422) عن عبد الله بن شقيق قال: سألت عائشة: أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم الأيام المعلومة من الشهر؟ فقالت: نعم.
(¬4) أخرجه قريبًا من هذا اللفظ أحمد في "مسنده" (6292)، ومسلم (1126) عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن أهل الجاهلية كانوا يصومون يوم عاشوراء، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صامه والمسلمون قبل أن يفترض رمضان، فلما افترض رمضان قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن عاشوراء يوم من أيام الله، فمن شاء صامه ومن شاء تركه". وأخرجه عن ابن مسعود البخاري (4503)، ومسلم (1127) عن عبد الرحمن بن يزيد قال: دخل الأشعث ابن قيس على عبد الله وهو يتغدى، فقال: يا أبا محمد، ادن إلى الغداء، فقال: أوليس اليوم يوم عاشوراء؟ قال: وهل تدري ما يوم عاشوراء؟ قال: وما هو؟ قال: إنما هو يوم كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصومه قبل أن ينزل شهر رمضان، فلما نزل شهر رمضان ترك.

الصفحة 353