كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 4)

مثلُه آمَنَ عليه البَشَرُ، وإنَّما كان الذي أُوتيتُه وَحْيًا أَوْحاه اللهُ إليَّ، فأَرجُو أَن أكُونَ أكثَرهم تابِعًا يومَ القيامةِ". أخرجاه في "الصحيحين" (¬1).
وقال أبو هريرة: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَثَلِي [ومثل الناس] كمَثَلِ رجلٍ اسْتَوقَدَ نارًا، فلمَّا أَضاءَت ما حَولَها، جَعَلَ الفَراشُ وهذهِ الدَّوابُّ التي يَقعْنَ في النارِ يقَعْنَ فيها، وجَعَل يَحْجُزهنَّ وَيغْلِبنَه فيَقْتَحِمْنَ فيها قال: فَذَلِكُم مَثَلي ومَثَلُكُم، أنا آخِذٌ بِحُجَزِكُم عن النارِ هلمَّ عن النارِ فتَغلِبوني فتقْتَحِمونَ فيها". أخرجاه في "الصحيحين" (¬2).
وعن جابر قال: كان أصحابُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يَمشُونَ أمامَه إذا خرجَ، ويَدعونَ ظهرَه للملائكةِ (¬3).
قال عبد الله بن هشام: كنا مع النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وهو آخِذٌ بيدِ عمرَ بن الخطابِ فقال له: يا رسولَ الله، لأَنتَ أحب إليَّ من كلَّ شيءٍ إلَّا نَفسِي، فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا والذي نَفسِي بيَدِه حتى أكُونَ أحبَّ إليكَ من نَفسِك" فقال له عمر: فإنَّه الآنَ، والله لأنتَ أحبُّ إليَّ من نفسِي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الآنَ يا عُمرُ". انفرد بإخراجه البخاري (¬4).
وفي الحديث دليلٌ على جوازِ تكلِيفِ ما لا يُطاقُ، لأنه إنما يُكلف الحبُّ الذي يدخلُ تحتَ الطاقةِ، أمَّا الحبُّ الطبيعي فليسَ إلَّا الإنسان.
وفي المتفق عليه عن أبي هريرةَ قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليَأتِيَنَّ على أحدِكُم زمانٌ لأن يَراني أحبُّ إليه من أن يكونَ له مثلُ أهلِه ومالِه" (¬5).
وقال عبد الله بن شَقيق: قال رجل: يا رسولَ الله، متى كنتَ نبيًّا؟ فقال له الناس: مَهْ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "دَعُوه، كنتُ نَبيًّا وآدمُ بينَ الرُّوحِ والجَسَدِ، أو بينَ الماءِ والطِّينِ، حينَ أُخِذَ منَّي الميثاقُ، وإنَّ آدمَ لمنجَدلٌ في طينَتهِ" (¬6).
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري (4981)، ومسلم (152)، وأحمد في "مسنده" (9828).
(¬2) أخرجه البخاري (6483)، ومسلم (2284) (16)، وأحمد (8117).
(¬3) أخرجه أحمد في "مسنده" (14236).
(¬4) أخرجه البخاري (6632)، وأحمد في "مسنده" (22503).
(¬5) أخرجه البخاري (3589)، ومسلم (2364)، وأحمد (9794).
(¬6) لم نقف على هذه الرواية التي ذكرها المصنف، لعلها مجموعة من عدة أحاديث كما سنبينها: =

الصفحة 356