كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 4)

وإذا كان الولد كسب الوالد فقد ثبت له حق في مال الابن، ألا ترى أن الأب إذا وطئ جارية الابن وهو عالم بالتحريم لا يحل، فقد تزوج بأمة له فيها حق فلا يجوز، ولأبي حنيفة أنها غير مملوكة الأب فيجوز نكاحها كالأجنبية، ولهذا يملكُ الابن إعتاقها ووطأها وبيعها وهبتها، والجمع بين الملكين لشخصين في مجال واحد في زمان واحد محال، وأما الحديث فالمراد به الأخذ من مال الابن عند الحاجة، فإن الأب يملك ذلك، ولهذا سقط الجلد عنه في وطء أمة ولده؛ لأنا نقلنا الملك إليه قُبيل الوطء لما عرف في مسألة الاستيلاد، وتمامه في "الخلافيات".
قوله - عليه السلام -: "خير المال مهرة مأمورة أو سكة مأبورة". ذكره القضاعي.
قال أحمد بإسناده عن سويد بن هبيرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "خيرُ مالِ امْرئٍ" (¬1) وذكره.
قال الجوهري: المهر ولد الفرس، والجمع أمهار ومِهارة، والأنثى مهرة والجمعُ مُهَر ومُهَرات (¬2)، والمأمورة، الكثيرةُ النِّتاج، والسِّكة: المُصْطَفَّة من النخل، قال الجوهري: ومنه قولهم خيرُ المالِ مهرة مأمورةٌ، أو سِكَّة مأبورة أي: ملقَّحة، قال: وكان الأَصمعي يقول: السِّكة ها هنا الحديدةُ التى يُحرث بها، ومأبورة مُصلحة، قال: ومعنى هذا الكلام: خيرُ المالِ نِتاج أو زَرع (¬3).
قوله - عليه السلام -: "تَزوَّجوا الولودَ الودودَ".
قال أبو داود بإسناده عن معاويةَ بن قُرَّة، عن مَعقِلِ بن يسار قال: جاءَ رجلٌ إلى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنَّي أَصبتُ امرأةً ذات جمالٍ وحَسَب، وإنَّها لا تلدُ أفأتزوَّجها؟ قال: "لا"، ثم أَتاه ثانيًا وثالثًا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تَزوَّجُوا الوَدُودَ الوَلُودَ، فإنَّي مُكاثِرٌ بكمُ الأُمَمَ" (¬4). وفي رواية: "يومَ القيامةِ" (¬5).
¬__________
(¬1) القضاعي في "مسند الشهاب" (1250)، وأحمد في "مسنده" (15845).
(¬2) "الصحاح": (مهر).
(¬3) "الصحاح": (سكك).
(¬4) أبو داود (2050).
(¬5) أخرجه أحمد في "مسنده" (13569) من حديث أنس - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر بالباءة، وينهى عن =

الصفحة 367