كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 4)

وروي عن أبي سعيد الخدري: أن ناسًا من أصحابِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا في سفر، فمرُّوا بحيٍّ من أحياء العربِ، فاستضافوهم فأَبَوا أن يضيِّفوهم، فعرضَ لإنسانٍ منهم في عقلهِ، أو لُدغ، فقالوا لأصحابِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: هل فيكم من راقٍ؟ قالوا: نعم، فَرَقاه رجل منهم بفاتحةِ الكتاب فبرئ، فأُعطي قطيعًا من الغَنَم، فأبى أن يقبلَ حتى أتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فذكر له ذلك وقال: والذي بعثكَ بالحقَّ ما رقيتُه إلَّا بفاتحة الكتاب فبرئَ، فضحِكَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وقال: "وما يُدرِيكَ أَنَّها رقيةٌ؟ " ثم قال: "خُذُوا واضْرِبُوا لي بِسَهمٍ" متفق عليه (¬1).
وفي بعض ألفاظ "الصحيح": فقال رجل: ما أنا براقٍ لكم حتى تَجعلوا لنا جُعلاً، فصالحوهم على قَطيع من الغَنَم (¬2).
ولمسلم: عن عَوف بن مالك الأشجعي قال: كنَّا نَرقي في الجاهليةِ، فقلنا: يا رسولَ الله، كيفَ تَرَى في ذلك؟ فقال: "اعرِضُوا عَلَيَّ رُقاكم، لا بأسَ بالرُّقَى ما لم يَكن شِركٌ" (¬3).
قوله - عليه السلام -: "حُبُّك للشيءِ يُعمِي ويُصِمُّ".
قال أبو داود بإسناده عن أبي الدرداءِ قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: وذكره (¬4). ورواه أبو بكر الخرائطي في "اعتلال القلوب" عن أبي بُردة الأَسلمي رَفَعه بهذا اللفظ، ذكره الخرائطي في: باب ما يستحب من الاقتصاد في الحب، وما يكره من الإفراط فيه، فإن الحبَّ يُعمي عن طريق التوبة، ويصمُّ عن استماع الحق (¬5).
قوله - عليه السلام -: "تَداوَوا".
قال الترمذي وإسناده عن أسامةَ بن شَريك قال: قالت الأعرابُ: يا رسولَ الله، أَلا نَتَداوَى؟ فقال: "نَعم يا عبادَ الله، تَداوَوا، فإنَّ الله لم يَضَع داءً إلَّا وضَعَ له شِفاءً، أو
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري (5007)، ومسلم (2201).
(¬2) أخرجه البخاري (2276).
(¬3) أخرجه مسلم (2200).
(¬4) أخرجه أبو داود (5130).
(¬5) "اعتلال القلوب" 175.

الصفحة 372