فلقيت صفوان بن أمية، فقلت: يا أبا وهب ما ترى ما نحن فيه؟ إنما نحن أَكَلَةُ رَأْسٍ، وقد ظهر محمد على العرب والعجم، فلو قَدِمْنا عليه واتبعناه فإن شرفَه شرفُنا. فقال: لو لم يَبْق من قريشٍ غيري ما تبعتُه أبدًا. فافترقنا وقلت: رجلٌ موتورٌ يطلب وِتْرَه، قُتِلَ أبوه وأخوه ببدر وعمُّه بأُحد، فلقيت عكرمة بن أبي جهل فقلت له مثلَ ما قلت لصَفْوانَ فردَّ علي كما ذكر صفوان، فقلت: فاطْوِ ما قلتُ لك، فلقيت عُثمانَ بنَ طَلْحَةَ فقلت له: إنما نحن بمنزلةِ ثَعْلَبٍ في جُحْرٍ لو صُبَّ عليه ماءٌ لخَرجَ، فقال: صدقت. واتَّعَدْنا بَطْنَ يَأْجَج فوافَينا، وأدْلَجْنا، فلقينا عمرو بن العاص بالهَدَّةِ فرافقنا إلى المدينة، فلقيني أخي فقال: أَسْرِعْ، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في انتظاركم، فدخلنا عليه فأسلمنا.
وقال خليفة بن خياط: كان إسلام خالد بين الحديبية وخيبر (¬1). وإسلام عمرو بن العاص سنة ست (¬2). وهو وهم، والأصح أن إسلامهما كان في هذه السنة في صفر.
وفيها: كانت سرية غالب بن عبد الله الليثي إلى بني المُلَوِّح بالكُدَيْد (¬3)، في ربيع الأول، وكان في بِضْعةَ عَشَرَ رجلًا، فأخذوا الحارث بن مالك بن البَرْصاء فقال لهم: خرجت لأُسلم فقال له غالب: إن كنت خرجتَ لهذا فما يضرُّك رباطُ يوم وليلة، فربطه وسلَّمه إلى رُوَيْجلٍ وقال له: إن نازعك وثاقه فاحتزَّ رأسَه، فلما قدم المدينة أسلم واستاق غالبٌ أموالَهم ونَعمَهم.
وفيها: كانت سرية غالب (¬4) أيضًا إلى [مُصابِ] أصحاب بشير بن سعد، فساق نعمهم وعاد إلى المدينة في ربيع الأول.
وفيها: كانت سرية كعب بن عمير الغِفاري (¬5) إلى ذات أطلاح بناحية الشام بعد
¬__________
(¬1) "تاريخ خليفة" ص 86.
(¬2) "تاريخ خليفة" ص 79.
(¬3) انظر "السيرة" 2/ 609 و"المغازي" 2/ 750، و"الطبقات" 2/ 116، و"تاريخ الطبري" 3/ 27، و"المنتظم" 3/ 314، و"البداية والنهاية" 4/ 222.
(¬4) انظر "الطبقات" 2/ 117، و"المنتظم" 3/ 315، و"البداية والنهاية" 4/ 221. وما بين معقوفين زيادة من المصادر.
(¬5) انظر "المغازي" 2/ 752، و"الطبقات" 2/ 119، و"تاريخ الطبري" 3/ 29، و"دلائل النبوة" للبيهقي 4/ 357، و"المنتظم" 3/ 316، وجاء عند الطبري: عمرو بن كعب بدل كعب بن عمير، وانظر "الإصابة" 3/ 11 - 12.