كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 4)

قوله - عليه السلام -: "النَّياحةُ من عَمَلِ الجاهليةِ" (¬1) هذا اللفظ غريب، وقد وردَ في معناه أخبارٌ:
منها: روى ابنُ مسعود عن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ليسَ منَّا مَن ضرَبَ الخُدودَ، وشَقَّ الجُيوبَ، ودَعا بدَعوَى الجاهليةِ". أخرجاه في "الصحيحين" (¬2).
وروى أبو داود بمعناه، عن أم عطيةَ قال: نهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن النَّياحةِ (¬3).
وأخرج أحمد في "المسند" بمعناه فقال: حدَّثنا وكيع، عن هشامٍ، عن يحيى بن أبي كَثير، عن أنس قال: أخذَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على النساءِ حينَ بايَعهنَّ: أن لا ينُحْنَ، فقلنا: يا رسولَ الله، إنّ نساءً أَسعَدْنَنا في الجاهليةِ أَفنُسعِدُهن؟ فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا إسعادَ في الإسلامِ، ولا شِغارَ، ولا عَقْرَ، ولا جَلَب، ولا جَنَب، ومَن انْتَهبَ فليسَ منَّا" (¬4).
الإسعاد: أن تُسعد المرأةُ المرأةَ في مُصيبتها، والشغار: أن يزوَّج الرجلُ ابنتَه على أن يزوِّجه أُختَه أو قريبةً له، والعَقْرُ: الذبحُ عند قبورِ الموتى، والجلَبُ: الصياحُ على الفرسِ في السباقِ، والجنَبُ: أن يجنبَ فرسًا فإذا أعيت فرسهُ التي سابق عليها انتقل إلى تلك.
وقال الجوهري: التناوح: التقابلُ، ومنه النوائحُ، لأن بعضهن يقابل بعضًا، ونساءُ نوائح ونوح وأنواح، والاسم واحد وهي النياحة (¬5).
قوله: "الأمانةُ غِنَى" (¬6).
¬__________
(¬1) لم نقف عليه بهذا اللفظ، وأخرجه أحمد في "مسنده" (7560) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، ولفظه: "ثلاث من عمل أهل الجاهلية، لا يتركهن أهل الإسلام، النياحة، والاستسقاء بالأنواء، وكذا" قلت لسعيد: وما هو؟ قال: دعوى الجاهلية: يا آل فلان، يا آل فلان.
(¬2) أخرجه البخاري (1297)، ومسلم (103).
(¬3) أخرجه أبو داود (3127).
(¬4) أخرجه أحمد في "مسنده" (13032) لكن بغير هذا الإسناد.
(¬5) "الصحاح": (نوح).
(¬6) أخرجه القضاعي في "مسند الشهاب" (16) من حديث أنس - رضي الله عنه -.

الصفحة 382