كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 4)

الباب الثامن والثلاثون: في ذكر حوضه وشفاعته - صلى الله عليه وسلم -
[أما الحوض فقد اختلفت الروايات فيه: ]
قال ابن مسعود: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَنا فَرَطُكُم على الحوضِ، وليُرفَعَنَّ إليَّ رجالٌ منكم، حتى إذا أَهويتُ لأُناوِلَهم اختُلِجُوا دُوني، فأَقولُ: يا ربِّ، أَصحابي، فيقال: إنَّكَ لا تَدرِي ما أَحدَثُوا بَعدَكَ". أخرجاه في "الصحيحين" (¬1).
وفي "الصحيحين" عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "حَوضِي مَسيرةُ شَهرٍ، ماؤُه أَشدُّ بياضًا مِنَ اللَّبَنِ، وريحُه أَطيَبُ من ريحِ المِسْكِ، وكِيزانُه مثل نجومِ السَّماءِ، مَن شَرِبَ منه شَربةً لا يَظمأ بعدَها أبدًا" (¬2).
[وفي المتفق عليه، عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وإن أمامكم حوضًا بين جَرباء وأَذرُح" قال نافع: وهما قريتان بالشام بينهما مسيرة ثلاثة أيام (¬3)].
وفي "الصحيحين" عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "والذِي نَفسِي بيَدِه، لأَذودَنَّ رِجالًا عن حَوضي كما تُذادُ الغريبةُ من الإبلِ عن الحوضِ، وليَرِدنَّ على الحوضِ رهطٌ فيُحَلَّون عنه، فأقول: يا ربِّ، أصحابي، فيقولُ: إنَّك لا عِلمَ لكَ بما أَحدَثُوا بعدَكَ، إنَّهم ارْتدُّوا على أَعْقَابهم القَهْقَرَى" (¬4) [وكان أبو هريرة يقول: فيجلون - بالجيم - وفيه يقول: "هلم، فأقول إلى أين؟ فيقول: إلى النار، فإنهم ارتدوا بعدك، فلا يخلص منهم إلا مثل هَمَلِ النَّعَم" (¬5).
ومعنى: "أذودن": أطردن، و"يحلون" أي: يمنعون، كما يقال للإبل: حِلْ حِلْ إذا
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري (7049)، ومسلم (2297).
(¬2) أخرجه البخاري (6579)، ومسلم (2292).
(¬3) أخرجه البخاري (6577)، ومسلم (2299).
(¬4) أخرجه البخاري (6585)، ومسلم (2302).
(¬5) أخرجه البخاري (6587).

الصفحة 400