كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 4)

[وقد أخرج أحمد عن ثوبان بمعناه، فقال ابن عفان بإسناده عن ثوبان وذكره، وقال: بعث عمر بن عبد العزيز إلى ثوبان ليسأله عن الحوض، فقدم عليه فسأله، فقال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "حَوضِي مِن عَدَن إلى عمَّان البلقاء، وذكر بمعنى ما تقدم من وصف مائه وآنيته، وقال: "أَولُ الناسِ وُرُودًا عليه فقراءُ المهاجرين" فقال عمر بن الخطاب: يا رسولَ الله، من هم؟ فقال: "الشُّعثُ الغُبْر، أو الشُّعثُ رُؤوسًا الدُّنْس ثيابًا، الذين لا يَنكِحونَ المتنعمات، ولا تُفتح لهم أبواب السُّدَدِ".
فقال عمر بن عبد العزيز: لقد نكحت المتنعمات، وفتحت لي أبواب السُّدَدِ إلا أن يرحمني الله، لا جَرَم والله لأدعنَّ رأسي حتى يشعَثَ، ولا أغسل ثوبي الذي يلي جسدي حتى يتَّسخ (¬1).
وفي الباب عن ابن عباس وأنس وحذيفة وأم سلمة وعائشة وغيرهم.
وحديث حذيفة أخرجه مسلم، وفيه: فقلنا: يا رسولَ الله، أتعرفنا؟ قال: "نَعَم، إنَّكم تَرِدُون عليَّ الحوضَ غُرًّا مُحَجَّلين مِن آثارِ الوُضوءِ، ليست لأَحَدٍ غيرِكم" (¬2).
وقد جاءت في الشفاعة أخبار منها حديث أنس مختصرًا].
قال أحمد بن حنبل بإسناده عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كانَ يومُ القيامةِ ماجَ الناسُ بعضُهم إلى بعضٍ، فيأتونَ آدمَ - عليه السلام - فيقُولُون: اشفَع لنا إلى ربك فأنت أبو الخلقِ خَلقَك الله بيَدِه، ونفخَ فيكَ من رُوحِه، وأَسجَدَ لك ملائكَتَه، فيقول: لستُ هناك، ويذكر خطيئَته التي أصابَ فيَستحي منها، ويقول: عليكم بنوحٍ فإنَّه أولُ نبيًّ بعثَه اللهُ إلى أهلِ الأرضِ، فيأتون نوحًا - عليه السلام -, فيذكُرونَ له ما ذَكرُوا لآدمَ، فيقولُ لهم كما قالَ آدمُ، ثم يقولُ لهم: ولكن ائتوا إبراهيمَ فإنَّه خليلُ الله، فيأتونَه، فيقول: لستُ هناكَ، ولكن عليكم بموسى فإنَّه كليمُ اللهِ، فيأتونَ إليه فيقولُ: عليكم بعيسى رُوحُ اللهِ وكلمتُه، فيأتونَ عيسى، فيقول: لستُ هناكَ، ولكن ائتُوا محمدًا، فإنَّ الله قد غَفَر له ما تقدَّم من ذَنبِه وما تأخَّر، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فيَأتونَ إليَّ، فأقولُ: أَنا لها، فأَنطَلِقُ، فأَستَأذنُ على
¬__________
(¬1) أخرجه أحمد في "مسنده" (22367).
(¬2) أخرجه مسلم (248).

الصفحة 402