كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 4)

- صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: 126] الآية، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نَصبِرُ ولا نُعاقِبُ" (¬1).
وقال الإمام أحمد رحمة الله عليه: حدّثنا يحيى، عن حسين المعلِّم، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: لما فُتِحت مكَّةُ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "كُفُّوا السِّلاحَ، إلَّا خُرْاعةَ عن بَني بَكْرٍ" فأذِنَ لهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك حتى صلى العصر، ثم قال: "كُفُّوا السِّلاح" فلقي رجل من خزاعة رجلًا من بني بكر عِنْدَ المُزْدَلِفة فقتله، وبلغ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقام خطيبًا مُسْنِدًا ظهرَهُ إلى الكعبة فقال: "إنَّ أَعدَى النَّاسِ على الله مَن قَتَل في الحَرَمِ، أو قَتَلَ غَيرَ قاتِلِه، أو قَتَلَ بذُحُولِ الجاهليَّةِ" (¬2).
وقال الحارث بن البرصاء: سمعت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول يوم الفتح: "لا تُغزى قريش بعد هذا اليومِ إلى يوم القيامة" يعني على: كفر (¬3).

ذكر حديث أَخْذِ المفتاح:
عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال: لما دخلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يومَ الفَتْحِ إلى مكّة بعث إلى أم عُثمان بن طلحة أَنِ: "ابعثِي إلينا مِفتاحَ البَيتِ" قالت: لا واللات والعزى لا أبعث به إليه، فأراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يَبعث إليها من يأخذه منها قَهْرًا، فقال ابنها عثمانُ: يا رسول الله، إنَّها حديثة عهد بكفر فابعثني إليها، فقال له: "اذهب" فجاءها فقال: يا أماه، قد حدث أمر غير الذي كان، فإن لم تَدْفعي المِفتاحَ قُتِلْتُ أنا وأخي، فدفعته إليه، فجاء به مسرعًا، فلما دنا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عثر فَوقَع المفتاحُ من يده، فقام رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فحنا عليه وفتح الباب ودخل، فَقام عند أركان البيت وأرجائِه يدعو، ثم صلى ركعتين بين الأسطوانتين ثم خرج، فقام على الباب، فتطاول إليه العباس رجاء أن يجمع له بين السقاية والحِجابة، فقال: "يا عُثمانُ، خذ ما أعطاكم الله، خذوها خالدةً
¬__________
(¬1) أخرجه أحمد في "مسنده" (21229). قوله: "لنربين" أي: لنزيدن على ما قتلوا منا.
(¬2) أحمد في "مسنده" (6681). والذَّحْل: الثأر.
(¬3) أخرجه أحمد في "مسنده" (15404).

الصفحة 83