كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 4)

وابن السبيل، وطعمةٌ لأزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقُسِّمت خيبر على أهل الحديبية من شهد منهم ومن غاب، ولم يغب عنها إلا اليسير، ولم يحضُرْها جابرُ بنُ عبدِ الله، فأعطاه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - منها كَمَنْ حَضَرها (¬1).
قال ابن سعد: ولما قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر، جعل نِصْفَ سهمه لنوائبهِ ونَوازِله، فلما صارت الأموال بيده لم يكنْ للمسلمينَ مَنْ يعملُها، فدفعها إلى اليهودِ، يعملونَها على نِصْفِ ما يخرجُ منها، فلم يزالوا كذلك إلى زمن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فأجلاهم إلى الشام، وقسم الأموال بين المسلمين (¬2). لِما نذكر.

حديث صفية بنت حيي - رضي الله عنها -:
كانت قد رأت في منامِها وهي عروسٌ بكِنانةَ بن أبي الحُقَيْقِ أن قمرًا وقع في حِجْرِها، فقصَّت رؤياها على كِنانة، فلطمها، فاخضَرَّت عينها، قال: وما ذاك إلّا لأنك تَتَمنَّيْنَ مَلِكَ الحجازِ محمَّدًا.
فلما فُتِحت خَيْبَرُ أُتيَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بكنانة وكان عنده كَنْزُ بني النضير، فسأله عنه فأنكر، فقال رجلٌ من اليهود: رأيت كِنانةَ يُطيفُ كلَّ غداة بهذه الخَرِبَةِ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَرأَيتَ إِن وَجَدناهُ عندكَ، قَتَلنَاكَ؟ " قال: نعم، فأمر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بتلك الخَرِبةِ فحُفرت، فأخرج منها بعض الكنز، فسأله عن الباقي فأنكر، فدفعه إلى الزبير وقال: "عذَّبه حتى يُقِرَّ بالباقي" وكان الزبير يقدح بزَنْدٍ في صدره حتى أشرف على نفسه، ثم دفعه إلى محمد بن مَسْلَمةَ، فقتله بأخيه محمود بن مَسْلمة.
ولما وصلت صفية إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سألها عن عينها فأخبرته فَعَجِبَ (¬3).
وفي حديث أنسٍ الذي رواه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزا خيبر، قال: فصلَّيْنا عندها صلاةَ الغَداةِ بغَلَسٍ، فركبَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو طلحة وأنا رديفُ أبي طَلحةَ، فأجرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في زقاق خيبر، وإنَّ رُكْبتِي لتَمَسُّ فَخِذَ نبي الله، وانحسر الإزار عن فخذِ
¬__________
(¬1) انظر "السيرة" 2/ 349، ورضخ: أعطى وقسم.
(¬2) انظر "الطبقات" 2/ 107 - 108.
(¬3) انظر "السيرة" 2/ 336، و"تاريخ الطبري" 3/ 14.

الصفحة 9