كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 4)
فِي عِمَايَةِ الصُّبْحِ (¬1)، وَهُمْ لَا يَدْرُونَ بِوُجُودِ كُمَنَاءَ العَدُوِّ فِي مَضَايِقِ هَذَا الوَادِي وَأَحْنَائِهِ (¬2) وشِعَابِهِ، فَمَا رَاعَهُمْ (¬3) وَهُمْ يَنْحَطُّونَ إِلَّا الكتَائِبُ قَدْ شَدَّتْ عَلَيْهِمْ شَدَّةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، وَبَدَأَ الضَّرْبُ بِخَالِدِ بنِ الوَليدِ -رضي اللَّه عنه- حَتَّى سَقَطَ، وَانْكَشَفَتْ خَيْلُ بَنِي سُلَيْمٍ مُوَلِّيَةً، وَتَبِعَهُمْ أَهْلُ مَكَّةَ، وَهُمُ الطُّلَقَاءُ، وَبَدَأَ الفِرَارُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ (¬4).
قَالَ جَابِرٌ -رضي اللَّه عنه-: فَوَاللَّهِ مَا رَجَعَتْ رَاجِعَةُ النَّاسِ مِنْ هَزِيمَتِهِمْ حَتَّى وَجَدُوا الأَسْرَى مُكَتَّفِينَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬5).
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ قَالَ البَرَاءُ بنُ عَازِبٍ -رضي اللَّه عنه-: فَلَقُوا قَوْمًا رُمَاة لَا يَكَادُ يَسْقُطُ لَهُمْ سَهْمٌ، فَرَشَقُوهُمْ (¬6) رَشْقًا مَا يَكَادُونَ يُخْطِئُونَ (¬7).
فَلَمَّا رَأَى أَبُو سُفْيَانَ بنُ حَرْبٍ هَزِيمَةَ المُسْلِمِينَ -وَكَانَ قَدِ اعْتَزَلَ هُوَ وَصَفْوَانُ بنُ أُمَيَّةَ، وَحَكِيمُ بنُ حِزَامٍ، وَرِجَالٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، وَرَاءَ تَلٍّ يَنْظُرُونَ
¬__________
(¬1) عماية الصبح: بقية ظلمة الليل. انظر النهاية (3/ 276).
(¬2) أحنَاء الوادي: منعطفه. انظر النهاية (1/ 437).
(¬3) فما راعهم: أي فما فاجأهم.
(¬4) أخرج ذلك الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (15027) - وابن حبان في صحيحه - كتاب السير - باب الخروج وكيفية الجهاد- رقم الحديث (4774) - وإسناده حسن.
(¬5) أخرج ذلك الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (15027) - وإسناده حسن.
(¬6) رشَقَهُ رشقًا: إذا رماه بالسهام. انظر النهاية (2/ 206).
(¬7) أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الجهاد والسير - باب في غزوة حنين - رقم الحديث (1776) (78).
الصفحة 119